ولا ريب أن المرء حال الوسوسة لا يكون في نفس الدرجة التي يكون عليها دونها، لكنها الوسوسة العابرة، أما المستقرة فتحتاج إلى دفع.
وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب ﵁ أن النبي ﷺ قال في بيان الإحسان:«أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، والفرق موجود بين عبادة المؤمن ربه كأنه يراه، وبين عبادته وربه يراه، ومن خلا من الأمرين، وقال الله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحُجُرات: ١٤]، قال ابن رجب ﵀ في كتابه جامع العلوم والحكم:«وأما إذا نفي الإيمان عن أحد، وأثبت له الإسلام كالأعراب الذين أخبر الله عنهم، فإنه ينتفي رسوخ الإيمان في القلب، وتثبت لهم المشاركة في أعمال الإسلام الظاهرة، مع نوع إيمان يصحح لهم العمل، إذ لولا هذا القدر من الإيمان لم يكونوا مسلمين، وإنما نفي عنهم الإيمان لانتفاء ذوق حقائقه، ونقص بعض واجباته، وهذا مبني على أن التصديق القائم بالقلوب متفاضل، وهذا هو الصحيح»، انتهى، قلت: وعلى هذا أبو جعفر بن جرير الطبري وابن كثير في تفسيريهما، وذهب فريق من العلماء إلى أن آية الحجرات نزلت في المنافقين منهم البخاري ﵀.
وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، وقال النبي ﷺ لحنظلة الأسيدي ﵁:«لو تدومون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وطرقكم ولكن ياحنظلة ساعة وساعة»(١).
٣ - علاقة القول بالعمل والنية:
الربط بين القول والعمل والإخلاص ومتابعة السنة قد كثر ذكره عند أهل العلم المتقدمين ﵏ منهم الحميدي في عقيدته إذ قال:«ولا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل وقول إلا بنية، ولا قول وعمل بنية إلا بسنة»، ومنهم الأوزاعي: «لا يستقيم الإيمان إلا