عاجلته المنية عقب إيمانه، وقد سفيان الثوري:«لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطار اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار»!!.
٢ - زيادة الإيمان ونقصانه:
يلزم من دخول الأعمال في الإيمان زيادته ونقصانه، وهذا هو قول السلف، فقد روى اللالكائي بسنده عن البخاري أنه لقي أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار، قال فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
وأدلة زيادة الإيمان من الكتاب والسنة متكاثرة منها قول الله ﵎: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا﴾ [المدثر: ٣١]، وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤]، ومنها جميع الأحاديث التي فيها نفي الإيمان عن العاصي حال معصيته، كالزاني، وشارب الخمر، والسارق، فإن المراد نفي الإيمان الكامل، فثبت بذلك نقصان الإيمان، ومن ذلك قول رسول الله ﷺ في تغيير المنكر بالقلب:«وذلك أضعف الإيمان»(١)، وهذه صيغة تفضيل، على أنه متى ثبتت الزيادة لزم منها إمكان النقص، ومتى ثبت النقص لزم منه إمكان الزيادة، والله أعلم.
قال القاضي عبد الوهاب:«إلا أن زيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية لا يبلغ به نقصان ارتفاع بالجملة، حتى ينتفي اسمه وحكمه، فيكون من به التصديق مقارنا للمعاصي بالجوارح كافرا»، انتهى.
وإذا ثبت بهذا زيادة الإيمان ونقصانه باعتبار الطاعات والمعاصي؛ فليعلم أن التصديق نفسه يتفاوت، كما يتفاوت العلم بالأشياء، فإن المرء يجد هذا من نفسه، ولا يعتبر هذا شكا، ومن الأدلة على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب رسول الله ﷺ فسألوه: «إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به»، قال: وقد وجدتموه؟، قالوا: نعم، قال:«ذاك صريح الإيمان»، وفي صحيح مسلم عنه أيضا قال، قال رسول الله ﷺ: «لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟،