قلت: في الأصل (مرفقي)، والصواب المفرق، وقوله عن الحديث لكن لم يصح لفظا وهو كثير عنده في مثله دليل على أنه لا يأخذ بالحديث الحسن لغيره كما نسبه إليه بعض أهل العلم، أو لكونه من حديث عمرو بن شعيب، وروى أبو داود عن ابن عمرو مرفوعا:«لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورا يوم القيامة»، وهو في صحيح الجامع من مسند ابن عمر.
أما قوله:«ولا بأس به بالحناء والكتم»، يريد تغيير شيب الرأس واللحية بهما، أما استعمالهما في اليدين والرجلين فلا يجوز لما في ذلك من التشبه بالنساء، وقد جاء فيه قول النبي ﷺ:«إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم»، رواه أحمد وأصحاب السنن عن أبي ذر ﵁، والكتم بمفتوحتين، ورق السلم قاله في المصباح كذا في شرح أبي الحسن، وهو نبات يَمَنِيّ يخرج صبغا بين السواد والحمرة، وهو موجود في الجهة الغربية من بلدنا، وظاهر كلام المصنف أن هذا التغيير مباح، والصواب أنه مندوب للأمر به، وقد ذهب مالك إلى أن النبي ﷺ لم يصبغ، واستدل على ذلك بأن عائشة أرسلت إلى عبد الرحمن بن الأسود تحثه على ذلك وذكرت له صبغ أبي بكر، قال مالك:«في هذا الحديث بيان أن رسول الله ﷺ لم يكن يصبغ، ولو صبغ لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود»، انتهى، وهذا ليس بلازم، فقد تكون نسيت، ولأن الشيب الذي كان في أبي بكر أكثر من الذي كان في النبي ﷺ، حتى عدوا شعراته البيضاء، ولم يكن مالك يخضب، فعن عبد الملك بن عبد العزيز ابن الماجشون قال، قال بعض ولاة المدينة لمالك بن أنس:«ألا تخضب يا أبا عبد الله»؟، فقال له مالك:«لم يبق عليك من العدل إلا أن أخضب»، انتهى، واعتبر الزين العراقي في شرح الترمذي عدم اختضاب النبي ﷺ صارفا للأمر بالاختضاب إلى الندب، ذكره عنه في فيض القدير، ثم قال: وفيه نظر، فما كان يأمر بشيء إلا كان أول آخذ به»، انتهى.
قلت: ما قاله المناوي هو الأصل، وقد يخالف، وقد روى النسائي عن عبيد قال: رأيت عبد الله بن عمر يصفر لحيته، فقلت له في ذلك، فقال:«رأيت النبي ﷺ يصفر لحيته»، وهو في سنن أبي داوود عنه بلفظ أن النبي ﷺ كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته