ولما يخشى من الفتنة، وجعل فصه مما يلي باطن كفه، ليكون أبعد من التزين»، انتهى، ومن حجة المانعين حديث أبي ريحانه عند أبي داود والترمذي والنسائي، وفيه:«نهى رسول الله ﷺ عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان»، سكت عليه الحافظ في الفتح، وحمله المجيزون على أن المراد لبس الخاتم المنقوش عليه ما كان في خاتم النبي ﷺ وهو، وهو جمع حسن لو احتيج إليه بصحة الحديث.
قلت: فيكون النهي لحفظ الوثائق من التزوير وحصول الالتباس بتعدد الخواتم وانتحال المرء صفة غيره، كما هو شأن الخواتم اليوم، قال الحافظ:«والذي يظهر أن لبسه لغير ذي السلطان خلاف الأولى، لأنه ضرب من التزين، واللائق بالرجال خلافه، وتكون الأدلة الدالة على الجواز هي الصارفة عن التحريم … ، إلى أن قال: «ويمكن أن يكون المراد بذي السلطان من له سلطنة على شيء ما يحتاج إلى الختم عليه لا السلطان الأكبر، خاصة والمراد بالخاتم ما يختم به فيكون لبسه عبثا، وأما من لبس الخاتم الذي لا يختم به وكان من الفضة للزينة فلا يدخل في النهي … »، انتهى.
قلت: هذه العلة لم تعد قائمة في الغالب، فقد غدت الأختام مفصولة تمثل الهيآت لا الأفراد إلا في القليل النادر عند بعض الشيوخ، وقد نقل الحافظ أن مالكا سئل عن حديث أبي ريحانة المذكور قبل فضعفه، وقال:«سأل صدقة بن يسار سعيد بن المسيب فقال: اِلبس الخاتم، وأخبر الناس أني قد أفتيتك»، انتهى، قال الدردير:«فيجوز بل يندب إن لبسه للسنة، لا لعُجْب»، انتهى.