للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا، قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس قال: وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟، فيقول لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين»!! (١).

وقد جاء عن بعض التابعين قوله: إنما يفتن رجلان: مؤمن ومنافق، فلعل هذا كان مستند من ذهبوا إلى أن الكافر لا يسأل، مع كون سؤاله لا حاجة إليه في نظرهم، ولأن الحديث ورد في بعض رواياته: وأما الكافر أو المنافق على الشك من الراوي.

وقد ثبت أن العبد يسأل عن ثلاثة: عن ربه، ودينه، ونبيه، فمن حديث البراء بن عازب مرفوعا: «فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟، فيقول ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟، فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟، فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: ما علمك؟، فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به، وصدقت، فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة،،، الحديث (٢)، وقد ذكر فيه سؤال الكافر أيضا لكن دون ذكر السؤال عن الدين.

وهذه الثلاثة التي يسأل عنها الناس في قبورهم هي التي قال فيها رسول الله : «من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا؛ غفر له ذنبه» (٣).

وأما عذاب القبر؛ فهو للكفار، ولبعض الموحدين ممن شاء الله تعذيبهم، وهو ثابت بالقرآن والسنة وإجماع السلف، فأما الكفار فقد قال تعالى في بعضهم: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)[غافر: ٤٦]، وقال


(١) متفق عليه: البخاري (١٣٧٤)، ومسلم (٢٨٧٠).
(٢) رواه أحمد (١٨٥٣٤).
(٣) رواه مسلم (٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>