١٨ - «وروي مع ذلك اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو ذنب تغفره أو شدة تدفعها أو فتنة تصرفها أو معافاة تَمُنُّ بها برحمتك إنك على كل شيء قدير».
ما ينال الخلق معلوم مقدر مراد لله تعالى في الأزل، لكنه يحصل لهم ويظهر للوجود بحسب ما شاءه الله تعالى في الزمان والمكان الذي أراده، فكان في هذا الدعاء سؤال الخير الذي يعطيه الله لعباده إجمالا، ثم فَصَّلَ، فَقَدَّمَ طلب الهداية لأنها أعظم ما ينبغي أن يُطلب، وإنما تكون بتوفيق الله تعالى لمن أخذ بأسبابها، وعلم الله منه خيرا، وثنى بالرحمة فإنها في الدنيا تعم كل الخلق، وقد كان شيخنا البشير بويجرة إمام المسجد العتيق بمدينة بلعباس دائم الدعاء عند بداية الدرس بقوله:«اللهم افتح علينا حكمتك وانشر علينا رحمتك يا ذا الجلال والإكرام»، انتهى، وثَلَّثَ بالرزق وهو عام للخلق أيضا، فإن الله سبحانه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، لكن المراد بالرزق هنا ما كان منه حلالا، لأنه هو الذي يشرع طلبه، وسؤال الله الحصول على غيره تَعَدٍّ في الدعاء، ثم سأل صرف أنواع من البلاء وهي كشف الضر، وغفران الذنب، ودفع الفتنة، وهي كل ما يشغل عن طاعة الله، ثم عَمَّ فَسَأَلَ المعافاة وهي السلامة مما ذكر وغيره، ولما كان جميع ما تقدم لا يحصل إلا بتفضل من الله تعالى لا أنه حق للعبيد الواجب عليه؛ قال برحمتك أي بفضلك وإحسانك، فهو توسل بصفة فعله سبحانه.