للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الإنسان برمته، ولأنه هو الأصل، فلا يعدل عنه إلى غيره لعدم وجود ما يمنع منه شرعا ولا عقلا.

وقد قال بعض الناس إن السؤال في القبر للروح وحدها، وهو محجوج بما تقدم.

وقال شارح الطحاوية : «فالروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق، أحدها: تعلقها به في بطن الأم جنينا، الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض، الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلق من وجه، ومفارقة من وجه، الرابع: تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا، بحيث لا يبقى لها إليه التفات البتة، فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم، وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة، الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه، إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا فالنوم أخو الموت،،،»، انتهى.

وأما ضمة القبر، وتسمى الضغطة أيضا فالمراد بها أن القبر ينضم على من فيه انضماما شديدا، ولعل ذلك بالنسبة للمؤمن مما يخفف الله به عنه ذنوبه، فيخلص إلى الحساب مغفورا له، أو مخففا عنه، أو خفف عنه بعضها، وينبغي أن يفرق بين هذه الضغطة التي تعم الجميع، وبين ما ورد في حديث البراء المتقدم من قوله عن الكافر: «ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه» (١)، فإن هذا أمر آخر كما هو ظاهر، لأنه قابله في المؤمن بقوله: «ويفسح له في قبره مد بصره» (٢).

وقد ورد في الحديث ما يدل على أن هذه الضغطة لا ينجو منها أحد، قال النبي : «لو نجا أحد من ضمة القبر؛ لنجا سعد بن معاذ، ولقد ضم ضمة ثم روخي عنه» (٣)، وقال النبي عن صبي دفن: «لو أفلت أحد من صمة القبر لأفلت هذا الصبي» (٤)، لكن روى


(١) رواه البيهقي (٢٠٨٠).
(٢) انظر «الصحيحة» (٣٣٩٤).
(٣) رواه الطبراني عن ابن عباس، وهو في «صحيح الجامع» للألباني.
(٤) رواه الطبراني عن البراء عن أبي أيوب وهو في «الصحيحة» برقم (٢١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>