للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنس والجن، وقد علمت سماع النبي له، مع احتمال أن يكون ذلك بوحي، ولو كان محالا ما ذكر المانع له من سؤال ربه أن يسمعه أمته، وإنما أشرت إلى هذا لأني سمعت شريطا قيل إن بعض علماء طبقات الأرض الروس وهم يبحثون بآلاتهم في أعماقها رغبوا في تسجيل أصوات (الماجما) أعني الصخور الذائبة في باطن الأرض، ثم أخذوا يصفون تلك الأصوات حتى أمكن أن يتبين فيها أصوات رجال ونساء يصيحون ويعولون، ونحن المسلمين لا يتوقف إيماننا بالغيب على شيء مما يكتشفه العلم الحديث، لكننا لا نحيل منه إلا ما منعه الشرع، والله أعلم.

وما أكثر ما كان النبي يستعيذ من هذا العذاب بعد أن أطلعه الله تعالى على حصوله لبعض المؤمنين، ففي الصحيح عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فقال: نعم عذاب القبر (حق)، قالت عائشة: فما رأيت رسول الله صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر»، ولذلك والله أعلم كانت الاستعاذة منه أمرا مطلوبا، بل واجبا دبر كل صلاة عند بعض أهل العلم في جملة أمور ورد الأمر بالدعاء بها، ففي الصحيح عن أبي هريرة كان رسول الله يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال» (١)، وورد في رواية لمسلم الأمر به بلفظ: «إذا تشهد أحدكم فليقل: الحديث» (٢).

وقد اختلف هل يكون هذا العذاب للروح فقط، أو للجسد فقط، أو للروح والجسد معا، وهذا الأخير هو الصحيح، فقد ورد في حديث البراء المتقدم: «فتعاد روحه في جسده»، وهذا نص، غير أن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا، فلا يقال: إننا لو فتحنا القبر ما وجدنا شيئا، ولأنه ورد في كثير من النصوص التي تحدثت عن هذا الأمر ذكر أوصاف إنما يتصف بها الجسد لا الروح، كقول النبي فيقعدانه، ويقولان له،،، ويفسح له،،، الخ، وهذا يقال


(١) رواه البخاري (٨٣٢).
(٢) رواه مسلم (٥٨٨) الرواية (١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>