للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعملوها، وعلى الهم بالسيئة إن تركوها حسنة كذلك؛ كان الظاهر أن الحفظة يكتبون الهم، وقد دل على هذا ما جاء في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله قال: يقول الله: «إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإذا عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة» (١).

والظاهر أن الصبي تكتب له الحسنات، ولا تكتب له السيئات، فقد روى مالك ومسلم وأبو داود عن ابن عباس أن امرأة رفعت إلى النبي صبيا فقالت: «ألهذا حج؟، قال: «نعم ولك أجر» (٢)، لكن هذا الحج لا يكفيه عن حجة الإسلام متى بلغ، وكان مستطيعا، لقوله : «أيما صبي حج ثم بلغ فعليه أن يحج حجة أخرى،،، الحديث» (٣)، ولأنهم مأمورون على وجه الاستحباب بالصلاة، كما قال النبي : «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع».

وقول المؤلف: «ولا يسقط شيء من ذلك عن علم ربهم»، يريد أن الله تعالى وكلهم بهذا العمل لحكمة يعلمها، كما وكل غيرهم من الملائكة بأعمال أخرى، وهو القادر على كل شيء إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، كما أن علمه سبحانه محيط بكل شيء، قال تعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)[الطلاق: ١٢].، وفي تكليفهم بذلك تشريف لهم، ونستفيد منه أن الأكثر طاعة لله تعالى وعلما به أولى أن يتولى أمور الناس من غيره.

قال الرازي في تفسيره: «إن الله تعالى أجرى أموره بين عباده على ما يتعاملون به فيما بينهم، لأن ذلك أبلغ في تقرير المعنى عندهم، ولما كان الأبلغ عندهم في المحاسبة إخراج كتاب بشهود؛ خوطبوا بهذا فيما يحاسبون به يوم القيامة، فيخرج لهم كتبا منشورة، ويحضر


(١) رواه البخاري (٧٥٠١)، ومسلم (١٢٨) عن أبي هريرة.
(٢) رواه مسلم (١٣٣٦) عن ابن عباس.
(٣) رواه الخطيب والضياء عن ابن عباس وانظر الإرواء (٩٨٦)، و «صحيح الجامع» (٢٧٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>