والفرض منه هو القدر اللازم لكل مسلم حتى يصح إيمانه، ويعتبر عمله، غير أن منه ما يشترك فيه جميع المسلمين، ومنه ما يختص بمن يريد أن يقوم بعمل يجهل حكمه، فلا يقدم عليه حتى يعلم حكم الله فيه، فهذا العلم بقسميه هو الذي ينبغي أن يحرص المسلمون كلهم عليه حفظا وفهما وعملا، فإن العلم لا يراد لذاته، بل لِيُعْمَلَ على وفقه، وقد قال الله تعالى:«فولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون»، فلأجل حفظ العلم بالكتاب المنزل والسنة التي هي بيان له الصادرين عن النبي ﷺ منع أن يخرج الناس كلهم للجهاد، وجعل غاية ذلك النقل للعلم وتبليغه العمل ممثلا في الحذر من مخالفة الشرع بترك المأمور، وفعل المحظور، ولذلك ختم المؤلف بقوله:«والعمل به»، فإن ثمرة العلم العمل، وقد كان السلف يستعينون على حفظ الحديث بالعمل به.
إذا علمت هذا فاعجب لبعض من تبوأوا مناصب عالية في دولة الجزائر لم يجدوا ما يذكرونه فيما لا ينبغي أن يتنافس الساسة في تعليمه إلا الوضوء والصلاة، والصلاة أعظم ركن بعد الشهادتين، والطهارة شرط صحتها باتفاق المسلمين، وهي شطر الإيمان، كما في الحديث، وكثير من حكام المسلمين صاروا يشككون في المعلوم بالضرورة من الدين، وقد تنبئ الأقوال عن دخائل النفوس، ومن النفاق ما يعلم بلحن القول، ومنه ما لا يعلم كما قال الله تعالى «لا تعلمهم نحن نعلمهم»، ومن أسر سريرة ألبسه الله رداءها، وقد كتب عمر بن الخطاب ﵁ إلى عماله يقول لهم وهو في الموطإ:«إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع»، فهلا سكت هذا القائل فستر بعض عيبه؟، ويحهم، يتنافسون في تعليم الناس الرقص والغناء والعري وشرب الخمر والاختلاط والزنا وإنفاق الأموال في الوجوه المحرمة، وما يسمونه زورا بالثقافة، ثم يمثلون بالصلاة والوضوء لما لا يجوز أن يتنافس الساسة في تعليمه، ثم يأتي من يرد هذا الباطل فيتبرأ في وسائل الإعلام من تعليم الناس ذلك كأنه منكر من النكرات، ليقول نحن إصلاحيون، ففيم يقع التنافس أيها الناس إن لم يكن في طاعة الله، وما مصالح العباد المشروعة بخارجة عن حيز الطاعة لو استقام النظر، واتسقت الفِكَر.