للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)[النساء: ٤٣] وفيه اثنتان من موجبات الوضوء هما الغائط، وملامسة النساء، أي اللمس في بعض صوره كما عليه أهل المذهب، وقال بعضهم إن البول مذكور أيضا باللزوم، قال القرطبي: «لفظ الغائط يجمع بالمعنى جميع الأحداث الناقضة للطهارة الصغرى».

ومن السنّة قول رسول الله : «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ»، قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟، قال: «فساء أو ضراط» (١)، ونفي القبول هنا هو نفي الصحة والإجزاء، وثمرة صحة العبادة الإثابة عليها من الله إن لم يمنع من ذلك مانع، فعبر بالسبب عن المسبب، وقوله «أحدث» معناه حصل منه الحدث، وهو ما ينقض الوضوء، وقوله «حتى يتوضأ»؛ ذكر الأصل في رفع الحدث، وهو الوضوء، ويقوم بدلُه وهو التيمم مقامه، و «الفساء» بضم الفاء خروج الريح من الدبر بلا صوت، و «الضراط» مثله لكن بصوت، وإنما اقتصر أبو هريرة على ما ذكر لينبه بالأدنى على الأعلى.

وروى مسلم من حديث ابن عمر أن رسول الله قال: «لا يقبل الله ﷿ صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور» (٢)، والغلول بضم الغين؛ الأخذ من الغنيمة قبل القسمة، وهو هنا يشمل كل مال أخذ بغير حق، والطهور بضم الطاء الطهارة.

- والنقض بالبول جاء في حديث صفوان بن عسال، وهو قوله: «كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سَفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم» (٣)، والسفر بفتح السين وسكون الفاء جمع سافر، كشَرب وصَحب جمع شارب وصاحب، أما المسافر فجمعه مسافرون، فدل قوله لكن،،، الخ دلالة إشارة على أن الثلاثة ناقضة للوضوء، لكن لا يلزم نزع الخف لها، لأنه استدركها من إيجاب، فالمقصود نفي


(١) رواه الشيخان (خ/ ١٣٥) وأبو داود (٦٠) عن أبي هريرة.
(٢) رواه مسلم (٢٢٤)، ورواه أبو داود (٥٩) من حديث أبي المليح عن أبيه.
(٣) وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، و «صححه الترمذي» (٩٦) وابن حزم، كما حسنه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>