للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله: ٣ - «وأما المني فهو الماء الدافق الذي يخرج عند اللذة الكبرى بالجماع، رائحته كرائحة الطلع، وماء المرأة ماء رقيق أصفر يجب منه الطهر، فيجب من هذا طهر جميع الجسد، كما يجب من طهر الحيضة».

لما تكلم على ما يوجب الوضوء من الأحداث، وهو الخارج المعتاد، وكان المني من جملتها؛ ذكره معها، مع أن خروجه موجب للغسل، وستعلم أن المني قد لا يجب منه إلا الوضوء إذا خرج على وجه السلس وغيره مما سيذكر، ومني الرجل ثخين أبيض، ومني المرأة أصفر رقيق، وقد ورد ذلك في حديث أنس أن أم سليم حدثت أنها سألت نبي الله عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال رسول الله : «إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل»، فقالت أم سليم واستحييت من ذلك: «وهل يكون هذا»؟، فقال نبي الله : «نعم، فمن أين يكون الشبه؟، إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق؛ يكون منه الشبه» (١)، وقوله «من أيهما علا»؛ أي من أيهما غلب، وقوله «أو سبق»؛ أو هنا للتقسيم، فإذا فسر السبق بظاهره؛ كان مخالفا لما تقدم، لأن السابق لا يعلو عادة إلا باختلاف الكثافة، فيقال أراد بالسبق ما فسر به العلو وهو الغلبة، لأن السابق غالب، أما لو قيل إن «أو» للشك من الراوي؛ فلا إشكال في الظاهر، وإنما بين النبي وصف كل منهما لاقتضاء المقام ذلك، فإن أم سليم استغربت أن يكون للمرأة ماء، فبين لها أن الشبه مرجعه لذلك، وفي حديث ثوبان سأله حبر من أحبار اليهود عن ذلك في جملة ما سأله عنه، ولم يكن النبي يعلم ما سأله عنه، فأوحاه الله إليه، فأخبره.

ومن صفات المني المشتركة إذا كان رطبا أن رائحته كرائحة الطلع، وهو أول حمل


(١) رواه مسلم ٣١١)،، وروى أيضا من حديث ثوبان الطويل نحوه، وفيه قصة، وحديث أم سليم في «الموطإ» (١١٣) بنحوه من غير ذكر الصفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>