للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في نقض الوضوء بمس الذَّكَر قول النبي : «من مس ذكره فليتوضأ» (١)، وهو كما ترى مطلق، لكن يمكن أن يستدل على تقييده بما رواه أبو داود، عن قيس بن طلق عن أبيه قال: «قدمنا على نبي الله ، فجاء رجل كأنه بدوي فقال يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ؟، فقال: «هل هو إلا مضغة منه، أو قال: بضعة منه» (٢)، المضغة بضم الميم وسكون الضاد: قطعة اللحم، والبضعة بفتح الباء وسكون الضاد مثلها.

فهذا فيه إشارة إلى التفريق بين من قصد المس، وبين من لم يقصده، فإن هذا منظور فيه والله أعلم إلى عدم القصد، بل الماس فيه كماس غيره من الأعضاء، لأن شأن أبضاع الجسد أن لا تقصد للذة، بل لغيرها من الأغراض، وفيه جمع بين الحديثين، وهو مقدم على دعوى النسخ من الطرفين الآخذ كل منهما بواحد منهما، ويتفق مع هذا رواية ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لست أوجب الوضوء من مس الفرج، وأحب إلي أن يتوضأ»، وهو في النوادر.

قال ابن أبي زيد في نوادره: «واختلف عن مالك في مس الذكر بغير تعمد، فروى عنه ابن القاسم في المجموعة أحب إلي أن يتوضأ، وروى عنه ابن وهب في العتبية، من رواية سحنون أنه لا يعيد الوضوء إلا في تعمد مسه» انتهى، وذلك لأن التعمد غالبا تصحبه اللذة، وبهذه الرواية نأخذ.

أما مس المرأة فرجها؛ فالمشهور عدم الانتقاض به مطلقا، ألطفت يدها في شفريها أولا.

قال خليل عاطفا على ما لا ينقض الوضوء: «ومس امرأة فرجها، وتؤولت بعدم الإلطاف»، أي أن بعضهم حمل قول المدونة بعدم النقض على ما إذا لم تلطف، أي تدخل إصبعها في شفريها، وقد اختلفت الرواية عن مالك في هذه المسألة، ففي رواية ابن القاسم لا وضوء عليها، وهو قول سحنون، وفي رواية علي بن زياد عليها الوضوء، وأنكرها


(١) رواه أبو داود (١٨١) عن بسرة بنت صفوان.
(٢) أبو داود (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>