للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب، لكن المشهور أن القبلة تنقض الوضوء بإطلاق إلا لوداع أو رحمة، ولعل ذلك لأن القصد متوفر في التقبيل بخلاف اللمس.

وقد روى مالك في الموطإ عن ابن عمر أن قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء» (١)، كما روى الوضوء من القبلة بلاغا عن عبد الله بن مسعود أيضا.

لكن ورد ما يدل على خلاف هذا كحديث عائشة «أن رسول الله كان يُقَبِّلُ بعض أزواجه ولا يتوضأ» (٢)، وروى أبو داود عنها أن النبي قبلها ولم يتوضأ» (٣)، ومنها قولها: «كان رسول الله يصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر لمسني برجله» (٤)، وهذا فيه دليل على أن اللمس إذا لم تكن معه لذة فلا وجه لنقض الوضوء به، كما يدل على أن القصد إلى اللمس ليس ناقضا بمجرده.

ووجه اعتبارهم اللمس مع القصد ناقضا أنه ذريعة إلى حصول الناقض، فقد يحصل ولا يتمكن من الاطلاع عليه، فيمكن إرجاعه إلى النقض بمجرد الشك، وقد تقدم ما فيه، وقد صح عن عبد الله بن عباس من طرق؛ تفسير الملامسة بالجماع، وروي عنه أنه قال: «ما أبالي قبلت، امرأتي أو شممت ريحانة»، وجاء عن عمر في تقبيل المرأة الوضوء، وعدمه، والختام أن المس بمجرده وكذا القبلة لا ينتقض بواحد منهما الوضوء، فالراجح أن الملامسة في الآية الجماع، والله أعلم.

أما مس الذكر؛ فو ناقض للوضوء في المذهب مطلقا على المشهور، من غير تفريق بين عمد أو سهو، ولا بين لذة وغيرها، قال خليل عاطفا على النواقض: «ومطلقُ مس ذكره المتصل، ولو خنثى مشكلا، ببطن، أو جنب لكف، أو إصبع، وإن زائدا حس».


(١) رواه مالك في «الموطإ» (٩٤).
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، (د/ ١٧٩).
(٣) أبو داود (١٧٨).
(٤) رواه النسائي عنها، وصحح الحافظ في التلخيص إسناده، ومعناه في «الموطإ» وصحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>