وهذا الذي استنبطه ابن عبد البر وابن العربي من أقوال الصحابة في معنى ملامسة النساء غير الجماع. قال عنه ابن رشد في بداية المجتهد بعد أن بين مآخذ أقوال أهل العلم في المسألة:«ولكل سلف من الصحابة إلا اشتراط اللذة؛ فإني لا أذكر أحدا من الصحابة اشترطها»، وقد فرق ابن رشد في مقدماته لما اقتضته المدونة من الأحكام؛ بين المس واللمس في اللغة، وبين أن الأخير يكون مع الطلب والقصد بخلاف المس.
ومن العجب ما تأوله ابن حزم وهو من القائلين بأن اللمس ينقض مطلقا في حديث حمل النبي ﷺ أمامة بنت أبي العاص، وهي بنت ابنته زينب ﵍ على عاتقه في الصلاة، والحديث في الموطإ والصحيحين عن أبي قتادة، حيث قال:«لأنه ليس فيه أن يديها ورجليها لمست شيئا من بشرته ﵇!!، إذ قد تكون موشحة برداء أو بقفازين أو جوربين!!، أو يكون ثوبها سابغا يواري يديها ورجليها وهذا الأولى أن يظن بمثلها بحضرة الرجال!!،،،»، انتهى، إذ كيف يقال عن صبية حملت على العاتق تأنيسا لها ومراعاة لطفولتها أن تسترها هو اللائق بها بمحضر الرجال؟.
ويذكر استطرادا أن أشهب روى عن مالك أنه سئل عن حمل النبي ﷺ أمامة في الصلاة، ووضعها إذا سجد؛ هل ذلك للناس؟، فقال:«نعم، إن لم يجد من يكفيه»، وهو في النوادر: ذكر ما يستخف من العمل في الصلاة.
وذكروا من مرجحات تفسير الملامسة بالمس في قول الله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾، أن هذا التفسير لا يكون معه تكرار في الاية، لأن الإجناب ذكر قبلها، وللتوفيق بين قراءة لمستم ولامستم، ولأن هذه هي حقيقة اللمس، والجماع مجاز، فلا يعدل عن الحقيقة إليه، وقد فسرها بذلك عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وجعله بعضهم لازم قول عمر ﵁، لأنه يرى عدم تيمم الجنب، مما يعني أن الملامسة عنده ليست الجماع، فلما جاءت نصوص السنة على خلاف ظاهر الآية؛ قيد اللمس الناقض بالقصد واللذة، في