للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك المقري في قواعده، فهو يقول محاولا تطبيق القاعدة الثانية والتسعين: «وإنما ينبني على هذه القاعدة وجوب تمكين الجبهة والأنف من الأرض على ظاهر الرسالة ونص ابن الحاجب، وإن كان ابن عبد السلام صاحبنا قد حمله على الاستحباب»، ومراده بظاهر الرسالة قول ابن أبي زيد فيها: «ثم تسجد وتكبر في انحطاطك للسجود فتمكن جبهتك وأنفك من الأرض».

ومن ذلك تفسير ما في المدونة كأن يقال: إن ظاهر المدونة في يسير الفوائت هو ما كان أقل من صلاة يوم وليلة عند جماعة، وبهذا قال ابن أبي زيد، وعند جماعة أخرى أن ظاهرها خمس صلوات، وقال به المازري. (١)

ومما لوحظ على رسالة ابن أبي زيد أنها ضمت أقوالا غير مشهورة في المذهب، والذي يظهر أن ذلك ناتج عن تقدم تأليفها، فإن ابن أبي زيد وإن قيل عنه إن ما قبله سلف، وما بعده خلف، وأنه أول طبقات المتأخرين من المالكية، إلا أن هذه الأمور نسبية، فإن رسالته «أول مختصر ظهر في الفقه المالكي، بعد التفريع لابن الجلاب، لأنه لم يوجد في ذلك الوقت للمالكية إلا الأمهات الكبار، فسمي التفريع مختصرا بالنسبة لها» (٢)، ولم تكن الأقوال قد نالها من البحث والتمحيص ما بلغته فيما بعد، ولأن المشهور ليس بالضرورة هو الراجح إذا قلنا إنه ما كثر قائله.

وقد أشار إلى هذا الأمر الشيخ مصطفى الرماصي (٣) وهو معروف بتقويم المؤلفات في المذهب، وبيان منزلتها فيه، فيرى مثلا أن ابن أبي زيد القيرواني لم يلتزم في رسالته ذكر المشهور، قال في الصلاة على القبر: وأما قول الرسالة: «ومن دفن ولم يصل عليه وووري فإنه يصلى على قبره»، فلا دليل فيه، لأنها لا تتقيد بالمشهور،،،».

وقد يكون الشيخ زروق يريد هذا المعنى حين قال وهو بصدد بيان بقاء هذا الكتاب مرجعا مدة طويلة دون أن ينال منه طول العهد كما حصل لغيره: «مع ما فيها من عظيم


(١) «شرح رسالة ابن أبي زيد لأبي الحسن» (١/ ٢٨٣).
(٢) «حاشية الأجهوري على الرسالة بالنقل عن مقدمة التحقيق لغرر المقالة» (٤١).
(٣) «حاشية الرماصي على التتائي» مخطوط (ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>