الإشكال، ودواعي الإنكار من الحساد والأشكال، وهذه كرامة من الله لا تنال بالأسباب»، وقد أدى هذا الأمر ببعض العلماء أن يخص ما في الرسالة من المشكل بالبحث، فقد نظم مشكلها أحمد بن محمد بن غازي العثماني المتوفى سنة (٩١٩ هـ).
وقد تجد في الرسالة أقوالا ليست في المدونة، فلا ينبغي أن يستشكل الأمر، فيقال هذا زائد على ما في المدونة، لأن ابن أبي زيد لم يلتزم ما فيها.
قال الشيخ مصطفى الرماصي: «ونص الفاكهاني في قول الرسالة (ولا يغسل الرجل الصبية، واختلف فيه إن كانت ممن لم تبلغ أن يشتهى مثلها، والأول أحب إلينا)، هذا مذهب المدونة أن التي لا تشتهى لا يغسلها الرجل صغيرة كانت أو كبيرة، وهو قول ابن القاسم، وأجاز أشهب غسلها» هـ، وهو عزو غير صحيح، إذ لم يذكر في المدونة غسل الرجل الصغيرة، وإنما فيها: ولا بأس بغسل النساء الصبي ابن سبع سنين وشبهه فقط، ولم أر من عزاه للمدونة غير الفاكهاني ومن تبعه، ولم يعزه لها الجزولي ولا ابن عمر، ولا زروق.
قال القلشاني في قول الرسالة المتقدم:«ولا يغسل الرجل الصبية»، قيل هذه المسألة زادت بها الرسالة على المدونة إذ ليست فيها، ولم يعزها ابن عرفة لها، والله أعلم. (١)
قلت: الذي يظهر أن الفاكهاني قد عزا للمدونة بناء على المفهوم، لا أن ذلك الكلام منها بالمنطوق، فاعتبر النص فيها على مشروعية تغسيل النساء الصبي ابن سبع سنين ونحوه دليلا بالمفهوم على المنع من تغسيل الصبية بإطلاق، وهذا غير سائغ إلا إذا نص على طريقة أخذه، وقد كنت نبهت إلى هذا ونحوه في كتابي كيف نخدم الفقه المالكي.
والحق أن صاحب الرسالة لم يلتزم اعتماد مذهب المدونة، بل وسع دائرة الأخذ كما يظهر ذلك لمن تتبع كلامه، ويتضح ذلك بما قاله ابن ناجي في شرحه عند قول ابن أبي زيد من باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن:«ويستحب له أن يصلي أربع ركعات يسلم من كل ركعتين»، قال: قال التادلي: «وتعقب على الشيخ في تحديد التنفل بأربع ركعات، مع أنه في المدونة قال: «إنما يوقت في هذا أهل