١ - «أما صلاة الصبح؛ فهي الصلاة الوسطى عند أهل المدينة، وهي صلاة الفجر».
الصلاة الأولى في النهار تسمى صلاة الصبح، وصلاة الفجر، وصلاة الغداة، والصلاة الأولى، جاء ذلك في القرآن والسنة، والعرف الغالب عندنا يطلق على الركعتين اللتين تسبقانها صلاة الفجر، وكونها هي الصلاة الوسطى؛ هو قول مالك وأهل المدينة، ولعل المؤلف حكاه بذلك القيد ليشير إلى الاختلاف فيها، أو ليتبرأ من ذلك، وعمدة القائلين بأنها الصلاة الوسطى؛ قول كثير من الصحابة، ويدعم ذلك حديث أبي يونس مولى أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قال: «أمرتني أن أكتب لها مصحفا ثم قالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)﴾ [البقرة: ٢٣٨]، فلما بلغتها آذنتها فأملت علي:«﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ وصلاة العصر ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾»، قالت:«سمعتها من رسول الله ﷺ»، وهو في الموطإ (٣١٠) وغيره، ومثله فيه عن أم المؤمنين حفصة -رضي الله تعالى عنها-، والحجة فيه أن صلاة العصر قد عطفت على الصلاة الوسطى، والعطف يقتضي المغايرة، وهذه كما ترى قراءة شاذة، لكنها معتبرة عند بعض أهل العلم في باب الأحكام، وإن لم تثبت قرآنا، وليس هذا على أصل أهل المذهب، فإنهم لا يأخذون بالقراءة الشاذة في الأحكام قال صاحب المراقي:
وليس منه ما بالآحاد روي … فللقراءة به نفي قوي
كالاحتجاج غير ما تحصلا … فيه ثلاثة فجوز مسجلا
والنظر يقتضي ترجيح غيرها عليها، والجمع ممكن، وهو ما تواتر عن النبي ﷺ أن الصلاة الوسطى هي العصر، من ذلك قول علي ﵁ أن النبي ﷺ قال يوم الأحزاب:«ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس»، رواه