للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قلت في موضع آخر: «لا ينبغي في شرح المصنفات أن يصرف كل الهم إلى شرح كلام المؤلفين، فإن قضاء الأوقات الثمينة في شرح كلام الناس، وبيان مقاصدهم منه، وتكلف أوجه الإعراب لحله، وتقدير المحذوفات لتوجيهه، وفرض الاحتمالات في تفسيره؛ قليل الجدوى، معطل لملكة الاستنباط أن تقوى، كثير المؤونة والنصب، جم المتاعب والعطب، فكيف إذا صاحبه إغفال أدلة الكتاب والسنة، وترك التفقه فيهما، مما يوهن حبل المتابعة لصاحب الشريعة، الذي لا يستقيم توحيد العبد لربه، إلا باعتقاد توحيد متابعته، فإن التوحيد توحيدان: توحيد المرسل وهو الله تعالى، وتوحيد متابعة الرسول، ومن شأن العكوف على كلام الناس، والإفراط في العناية به؛ أن يحول كلام العالم إلى دليل بدل الدليل، كما هو واضح لمن عرف السبيل، وحسب الشارح أن يبين المعنى ويمضي.

٣ - أستدل لمسائلها ما أمكنني على وجه الاختصار، من الكتاب، والسنة، وغيرهما، مبرزا وجهة نظر علماء المذهب في فهم النصوص وتوجيهها، لكني ربما أوردت تفاصيل وفروعا في المسألة الأم من غير تعرض للدليل ولا للترجيح.

وما كان من الحديث في الصحيحين اكتفيت بعزوه لهما أو أحدهما، أو بقولي جاء في الصحيح، إلا لزيادة في غيرهما نافعة في الاستدلال فإني أشير إليها متى عرفتها، أما ما كان في غيرهما فإني أعتمد على تصحيح العلماء وتحسينهم وأسميهم بحسب اطمئنان قلبي، واقتناعي بما استدركه بعضهم على بعض، فإن الأحاديث التي اختلف العلماء فيها كثيرة، ومن ثم اختلفوا في الأخذ بالأحكام التي تضمنتها، فضلا عن اختلاف منهج الفقهاء عن منهج المحدثين في هذا الأمر، لكن ربما أوردت الحديث المختلف في قبوله ولم أبين ذلك.

٤ - أنبه على ما علمته من الروايات والأقوال غير المشهورة في المذهب إذا رأيت أن الدليل ينصرها وهي كثيرة، وقد أشار إليها بعض من كتبوا في الفقه، والذين شرحوا بعض مصنفاته ، أو كتبوا حواشي على الشروح، لكنهم في الغالب لا يعطونها من الأهمية ما هي عليه، وعمدتي في الإشارة إلى هذه الروايات والأقوال المنتقى للباجي، وكتب القاضي أبي بكر بن العربي، وغيرهما وبالخصوص كتاب (النوادر والزيادات، على

<<  <  ج: ص:  >  >>