وقد استدل صاحب المغني (المسألة ٧٥٣) على ذلك بهذين الحديثين، ونص حديث وائل كما ذكره:«لما جلس للتشهد افترش رجله اليسرى ونصب رجله اليمنى». وقالت عائشة:«كان رسول الله ﷺ يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفترش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، رواه مسلم، وهذان يقضيان على كل تشهد بالافتراش إلا ما خرج منه،،،»، انتهى.
قلت: حديث وائل لا حجة فيه، لأننا لا ندري أي تشهد فعل فيه ذلك، وقد تقدم الكلام عليه، وحديث عائشة يظهر أنه في جلوس الصلاة عموما لا خصوص جلوس التشهد، والأولى أن نثبت نص الحديث كما هو في سنن أبي داود (٧٨٣) حتى يتبين لنا الأمر، قالت -رضي الله تعالى عنها-: «كان رسول الله ﷺ يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما، وكان إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا، وكان يقول في كل ركعتين التحيات، وكان إذا جلس يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقب الشيطان، وعن فرشة السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم».
فقولها «وكان يفترش رجله اليسرى، وينصب اليمنى»؛ لا ينصرف إلى ما قبله من الجلوس في الركعتين، وإلا لما كانت ثم حاجة إلى أن تعيد ذكر كان، فهي لم تكن في هذا الحديث تصف الصلاة منسوقة مرتبة، لذلك أدخلت في حديثها بعض أقواله، وذكرت الصفة الغالبة على الجلوس وهي الافتراش، ومن راجع الحديث في صحيح مسلم (٤٩٨)، باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به،،، أيقن أو كاد يوقن بذلك، والله أعلم.
وقد استدل الشيخ حسين بن عودة العوايشة وفقه الله في الموسوعة الفقهية الميسرة (٢/ ٧٦) على الافتراش في الثنائية فقال تحت عنوان (الجلوس للتشهد وصفته): «أن يجلس مفترشا فخذه اليسرى، إذا كانت الصلاة ركعتين كالفجر، وقد أمر به المسيء صلاته فقال له: فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد»، انتهى، وهذا كما ترى لا حجة فيه، فإن لم تكن قد تبينت ذلك، فلأن الحديث فيه صفة الجلوس في