وينبغي أن لا تطلق الترضية إلا على من ظهر منه الاتباع التام للسنة، ومات على ذلك، ولا يسوغ أن يتساهل في إطلاقها كما عليه بعض أدعياء التصوف الذين يطلقونها استرضاء لمن يخاطبونهم، وقد يكونون من الفساق، حتى وإن أريد بها الدعاء، وذلك لما فيها من الإيهام، فالعدول عنها إلى الدعاء الصريح هو الحق.
أما لفظ (وأرضاه) المذكور فمعناه أعطاه ما يرضيه، من أرضاه إذا جعله يرضى، كما قال في الصحاح:«أرضيته عني ورضيته بالتشديد أيضا فرضي»، لكن الذي يظهر أن هذا ليس هو المراد من إطلاق هذا القول، لأنه يغني عنه قولنا ﵁، فإن رضا الله تعالى أعلى نعيم الجنة، فإنه تعالى يخاطب أهل الجنة بقوله:«يا أهل الجنة هل رضيتم؟، فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟، فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا»(١)، فتعين أن يحمل وأرضاه على معنى آخر يريده بعض مستعمليه، هو وأرضاه عنا، فيقال: إن الذي يطلب رضاه استقلالا هو الله ورسوله، قال تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦٢]، أما رضا غيرهما فتبع لهما، فكيف إذا كان هذا الذي يقال عنه وأرضاه عنا كما نسمع ليس ممن يعرف ما يرضي الله؟، ومهما يكن من التخريج الذي قد يقال في مشروعية هذا؛ فالأولى تركه، فلسنا ممن يتشددون في إطلاق الترضية على غير الصحابة، ولا من الذين يرسلونها بغير حساب.
ومما ينبغي أن يجتنب أيضا قول بعضهم ﵁ وعنا به، يعني بسببه، لأنه توسل بذات، والخلاف في التوسل بذات النبي ﷺ معروف، والراجح عدم مشروعيته، فكيف بالتوسل بغيره؟، وليس الاحتجاج بالتبرك بفضل وضوئه ومخاطه وشعره ﷺ بنافع في هذا المقام، فإن هذا غير ذاك، مع أنه خاص به لا يقاس عليه غيره