للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنيعهم نسيانا.

قلت: لو كان هذا صحيحا في اللغة؛ فإنه ليس مرادا من قول النبي وهو دليل القائلين بالقضاء: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها،،، الحديث، لأن المتعمد لا يقال عنه إنه تذكر، فإنه لم يعزب عنه ما تركه حتى يوصف بما يوصف به الناسي، الذي بارحه النسيان، ولو كان ذلك صحيحا فما القول في كلام النبي أن الله رفع عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه؟، فهل النسيان هنا يشمل العمد فيرفع الله تعالى الإثم عمن بدر منه؟، فإن قالوا نعم دخلوا في الإرجاء، وإن قالوا لا تحكموا، وذهب بعض أهل العلم وعلى رأسهم ابن حزم، وهو رواية عن مالك - وأنكرها عياض - إلى أن تارك الصلاة عمدا لا يقضي، وقد بسط ابن عبد البر الأدلة على لزوم القضاء في الاستذكار فانظره، والظاهر لزوم القضاء مع كون ذلك كبيرة من الكبائر لقول رسول الله : «فدين الله أحق أن يقضى»، رواه البخاري (١٨٥٥) والنسائي (٥/ ١١٧) من جملة حديث عن ابن عباس ، قال ابن ناجي: «اعلم أن تارك الصلاة لا يخلو إما يتركها سهوا، أو عمدا، فإن تركها سهوا فالقضاء بلا خلاف، وإن تركها عمدا؛ فكذلك على معروف المذهب.

وثانية المسائل: أن الصلاة المتروكة نسيانا أو عمدا تصلى على نحو ما فاتت، من سفرية أو حضرية، ومن سرية أو جهرية، بيد أن الصحة والمرض لا يعتبران إلا وقت الفعل لا وقت الفوات، وهذا لأن الأصل في فعل المشروع أن يفعل على النحو الذي فات عليه، وفي الموطإ عن سعيد بن المسيب مرسلا ٢٤)، وعن زيد بن سلم (٢٥) كذلك وهذا لفظه في قصة تعريسه ونومه مع أصحابه قال: «فإذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو نسيها، ثم فزع إليها، فليصلها كما كان يصليها في وقتها،،،»، وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة في قصة نومهم عن صلاة الصبح: «ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم».

وثالثة المسائل: أن الصلاة المتروكة إما أن تكون يسيرة أو كثيرة، وسيأتي المراد بهما، فإن كانت يسيرة؛ فإما أن يذكرها قبل إحرامه بالتي بعدها، أو بعد إحرامه، وفي هذه إما أن يكون فذا أو إماما أو مأموما، وتفاصيل ذلك مذكورة في الشروح، وقد ذكر المؤلف هنا

<<  <  ج: ص:  >  >>