قلت: ما قاله ليس بظاهر، أما أولا، فلأن الداعي والمؤمن كلاهما داع، كما في دعاء موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، إذ قال الله تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)﴾ [يونس: ٨٩]، مع أن السياق إنما ذكر دعاء موسى ﵇ وحده، وأما ثانيا؛ فلأن موسى ﵇ كان معهم، وكونه لم يجع ولم يعطش غير مستبعد، لكن حصول هذه الأمور له غير مستبعد كذلك، بل قد تكون مما يبتلى به الأنبياء والصالحون، ومعلوم أنهم أشد الناس بلاء بنص الحديث، وقد جاع نبينا محمد ﷺ، ولا يلزم من خروجه مستيقنا حفظ الله لهم وتبليغهم ما يقصدون أن لا يحصل له شيء من ذلك، وثالثا فإن موسى لا يحتاج إلى الماء للشرب فحسب بل لأمور أخرى كما لا يخفى، وإنما كان عنوان هذه العبادة الاستسقاء لأن أعظم ما يحتاجه المرء من الماء هو الشرب، وعليه فليس في الآية دليل على استسقاء المخصب للمجدب، أما الاستدلال بحديث دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب على الاستسقاء مع الصلاة؛ فلا ينهض، لأن الدليل أخص من الدعوى، وحيث إن الاستسقاء له كيفيات؛ فالذي يترجح أن يكتفى بالدعاء، ولا يصلى صلاة الاستسقاء، وهو الذي رجحه الدردير، والله أعلم.