وأشار على زفر بن عاصم والي المدينة أن يقدم الصلاة قبل الخطبة، والعمل عندنا في هذا على قول الأول،،،».
ودليل تقديم الخطبة على الصلاة، حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المتقدم، وكذا حديث عائشة، وحديث ابن عباس عند أبي داود وغيره كلها تدل على تقديم الخطبة على الصلاة، لكن في بعض روايات حديث عبد الله بن زيد عند أبي داود (١١٦١) أن رسول الله ﷺ خرج بالناس يستسقي، فصلى بهم ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه، ورفع يديه فدعا واستسقى، واستقبل القبلة»، فهذا ظاهره تقديم الصلاة لما تفيده الفاء من التعقيب في قوله:«خرج بالناس ليستسقي فصلى،،،»، وكذا حديث أبي هريرة عند ابن ماجة (١٢٦٨)، فإن فيه التعقيب بالفاء، قال:«خرج رسول الله ﷺ يوما يستسقي، فصلى بنا ركعتين، بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله، وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن»، قال في الزوائد: «إسناده صحيح، ورجاله ثقات، وسكت عنه الحافظ في (الفتح ٢/ ٦٤٤))، وفي رواية أحمد لحديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ولهذا قال بعضهم بجواز تقديمها وتأخيرها، وقد قال بذلك الشوكاني، والشيخ بن باز رحمهما الله، وجنح بعضهم إلى ترجيح تقديم الخطبة، وجوز الحافظ أن يكون النبي ﷺ«بدأ بالدعاء، ثم صلى ركعتين، ثم خطب، فاقتصر بعض الرواة على شيء، وبعضهم على شيء، وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة، فلذلك وقع الاختلاف»، وهذا الجمع إنما يصلح بين الأحاديث ذات المخارج المختلفة، أما الحديث الواحد الذي يدل ظاهره على أنه إنما وصف فعله ﷺ مرة واحدة كحديث عبد الله بن زيد فلا بد فيه من الترجيح، لأن ما ذكره الحافظ من التعبير عن الدعاء بالخطبة، إنما يتصور إذا تعدد رواة الحديث من الصحابة في وصف الصلاة، أو تعدد الذين أخذوا عن الصحابي ذلك الوصف، لاحتمال تعدد وصفه للصلاة، أما الحديث ذو المخرج الواحد إذا اختلف كما رأيت في حديث عبد الله بن زيد؛ فلا بد معه من الترجيح، إذ الظاهر أنه إنما وصف صلاة الاستسقاء مرة واحدة، والنفس إلى تقديم الخطبة أميل.