(٦٨٩)، وبين من حصل له فيه وهم؛ فاعتبره موصولا مثل الحاكم، والذهبي، والزيلعي، والحافظ ابن حجر، ﵏.
قلت: وقلدهم في ذلك أيضا الحافظ الغماري كما في مسالك الدلالة، لكن الجملة الأخيرة فيه يشهد لها ما في حديث البراء الذي تتقدم وهو قوله ﷺ«مت على الفطرة»، فإنها دلت على أن فعل المجموع المأمور به من الوضوء والاضطجاع على الشق الأيمن والدعاء هو الفطرة، والحديث الذي بعده دل على أن من طلب توجيهه إلى القبلة حين الاحتضار أصاب الفطرة، فدل هذا في نظري على صحة هذه اللفظة بهذا البيان في خصوص المعنى، وروى أبو داود والنسائي والحاكم عن عبيد بن عمير عن أبيه أن رجلا قال يارسول الله، ما الكبائر؟، قال:«هي سبع»، وذكر منها «واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا»، ومداره على أيوب بن عتبة، وهو ضعيف، كما في التلخيص الحبير للحافظ بن حجر (ح/ ٧٣٠)، وقد حسنه الألباني في الإرواء (ح/ ٦٩٠)، أما طعن الشوكاني في دلالته بأن المراد «بقوله أحياء؛ الصلاة، وبقوله أمواتا؛ في اللحد، والمحتضر حي غير مصل»، فليس كما ينبغي، لأن حال الاحتضار حال موت لا حياة، بدليل أن الشارع قال:«لقنوا موتاكم لا إله إلا الله»، وقال:«اقرؤوا على موتاكم يس»، وبهذا يتبين لك ما في قول المحدث الألباني ﵀ في أحكام الجنائز من نفي مشروعية هذا التوجيه من الإجمال، لأن عدم صحة حديث في مسألة بخصوصها، ومن ذلك حديث عبد الله بن أبي قتادة المتقدم؛ لا يعني دائما أن الحكم الذي تضمنه الحديث لا يثبت، وقد علمت وجه ثبوته بدخوله في تلك الظواهر، وقد أمر حذيفة ﵁ أن يوجه إلى القبلة كما في ترجمته في تاريخ دمشق لابن عساكر، وقال الألباني ﵀:«وأما قراءة يس عنده، وتوجيهه نحو القبلة؛ فلم يصح فيه حديث، بل كره ابن المسيب توجيهه إليها، وقال: أليس الميت امرأ مسلما»؟.
قلت: لم يظهر لي وجه اعتراض سعيد بن المسيب ﵀ بما قاله على توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، لأن كونه مسلما ليس مانعا من ذلك بمجرده، بل قد يكون ذلك من دواعي توجيهه، لا من دواعي منع توجيهه، فإن الكافر هو الذي لا تتعلق به أحكام الفروع عمليا، وإن كان يؤاخذ بها، ولو استقام هذا التعليل لتركنا كثيرا مما شرع فعله بالميت المسلم، وقد روي كلامه بألفاظ مختلفة، والمؤكد عندي أنها من تصرف الناقلين، ثم وقفت بعد ذلك على كلام لابن حبيب ﵀ فيه توجيه حسن لكلام ابن المسيب، قال