يكون إلا مع التشديد عليه في التأديب والتعليم وهو صغير جدا، وترك الرفق به في ذلك».
قلت: بل إن أخذ العلم على غير تدرج ومهل قد يؤدي إلى فساد المتعلم، وقد ورد في ذلك أثر بخصوص العجلة والتسرع في حفظ القرآن وهو أصل العلوم فكيف بغيره؟، فالمصلحة أن يؤخذ العلم على التدريج.
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة عن ابن عباس أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب، فأخذ يسأله عن أحوال الناس، فأخبره بأن كثيرا منهم قد حفظ القرآن، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يتسارعوا فيه يومهم هذا هذه المسارعة، قال: فقال عمر مه، وزبرني، فانصرفت إلى منزلي حزينا، ثم إنه استأذن علي، فخرجت، فأخذ بيدي فقال: ما كرهت مما قال الرجل آنفا؟، فقلت: يا أمير المؤمنين متى تسارعوا فيه هذه المسارعة يحتقوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال: لله أبوك، ما زلت لها كاتما حتى جئت بها»!!.
قال ابن عبد البر:«طلب العلم درجات ومناقل ورتب، لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف ﵏ ومن تعدى سبيلهم عامدا ضل، ومن تعداه مجتهدا زل، فأول العلم حفظ كتاب الله ﷿، وتفهمه، وكل ما يعين على فهمه واجب طلبه معه، ولا أقول إن حفظه كله فرض، لكني أقول إن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالما،،، فمن حفظ قبل بلوغه، ثم فرغ إلى ما يستعين به على فهمه من لسان العرب، كان له ذلك عونا كبيرا على مراده منه، ومن سنن رسول الله ﷺ، ثم ينظر في ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكامه، ويقف على اختلاف العلماء واتفاقهم في ذلك، وهو أمر قريب على من قربه الله عليه،،،»(١).
قوله:«فأجبتك إلى ذلك لما رجوته لنفسي ولك من ثواب من علم دين الله أو دعا إليه»، هذا بيان من المؤلف للغرض الذي دعاه إلى الاستجابة لطلب الشيخ محرز ﵀، وهو ما يرجوه من الثواب من الله تعالى على بث علم الشرع والدعوة إلى الله لنفسه ولمن
(١) «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر: (٢/ ١٦٦ و ١٦٧).