للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)﴾، وقال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)﴾ فإن نقل الناس من حال دامت قرونا إلى حال أخرى وإن كانت ترتجى وتؤمل أمر عسير، والداعي إلى الحق لا يعزب عنه طرائق التغيير وما يراعى فيها من التدرج الذي هو سنة كونية وشرعية، والمقصود أن هذا الخير الذي أتت به هذه الصحوة أثمر ما لم يكن في الحسبان، إذ رافقه ما لا يرتضى من الانقسام والتفرق، بل ومن الخروج عن الجادة والغلو في بعض ما هو مشروع، والتنكر لجهود السابقين، ونجمت عنه جرأة كبيرة من الرعاع والدهماء على المسائل الكبرى العلمية والعقدية والسلوكية، بعد أن فهموا ما لا يصح أن يفهم من التأبي على التعصب المذهبي، فكامن رد الفعل أن ظهر ما يسمى بالمرجعيات، فاستفحل الخلاف في كثير من الأمور كما تراه.

وخير للناس أن يهتموا بما كلفهم الله به من أحكامه التي سبق بيانها فإنها هي المعنية بقول النبي : «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم»، رواه مسلم عن أبي هريرة، وهذه الأحكام هي مناط صلاح الفرد وهو البداية لكل إصلاح، وأن يمسكوا عن الكلام فيما لا يحسنونه فإنه مما لا يعنيهم، ومن «حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، كما قال رسول الله فيما رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ، فلما فتح المجال بوسائل الاتصال والتسجيل والنقل والتصوير أتيح لكل من هب ودب أن يشتغل بما ليس في قدرته، وبما لا يصح أن يكون من اهتمامه، فاختلط الحابل بالنابل، وتشبع كثير من الناس بما لم يعطوا، فأصبح حل هذا الأمر عصيا، وصار كل من يرفق في الدعوة إلى الله ويتأنى في التغيير موسوما من فريق غلاة الجرح بأنه من المميعين، ومن المتعصبين المتمذهبين، ولله عاقبة الأمور، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>