الذي فيه قوله:«تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي ﷺ أني رأيته،،، إذ قال بعد أن ذكر الأول: وأخرجه الدارقطني والطبراني في الأوسط من طريق طاوس قال … »، فليتأمّل ذلك.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٢/ ٣٥) عن حديث طاوس: «فإن قلت هذا الحديث ضعيف فكيف يصح الاحتجاج به على عدم جواز شهادة رجل واحد في الإفطار؟؛ قلت: أصل الاحتجاج بحديث عبد الرحمن بن زيد، وحديث الحرث بن حاطب المذكورين، فإن قوله ﷺ: «فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا»؛ في حديث عبد الرحمن بن زيد، وقوله:«فإن لم نره، وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما»؛ في حديث الحارث؛ يدلان بمفهومهما على عدم جواز شهادة رجل واحد في الإفطار، ولا يعارضه منطوق، بل منطوق حديث ابن عمر وابن عباس وإن كان ضعيفا يؤيدهما»، انتهى.
والحديثان اللذان ذكرهما روى الأول منهما أحمد والنسائي (٤/ ١٣٢)، وقد تقدم، وقال عنه الشوكاني:«لا بأس بإسناده»، وروى الثاني أبو داود (٢٣٣٨) والدارقطني، وقال:«إسناد متصل صحيح»، وصححه الألباني، وانظر التلخيص الحبير (ح/ ٨٧٧).
أما الرؤية المستفيضة؛ فقال عنها محمد بن عبد الحكم:«وقد يأتي من رؤيته ما يشتهر، حتى لا يحتاج فيه إلى الشهادة والتعديل، مثل أن تكون قرية كبيرة، فيراه فيها الرجال والنساء والعبيد ممن لا يمكن فيهم التواطؤ على باطل، فيلزم الناسَ الصوم بذلك من باب استفاضة الأخبار، لا من باب الشهادات،،».
أما إثبات الهلال بحساب المنازل؛ فقد نسب إلى الشافعي، ولم يصح عنه، وقد قال شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٣٢) ضمن رسالته عن الهلال: «فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العمرة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لايرى؛ لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي ﷺ بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث، إلا أن بعض المتفقهين الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب،،،»، انتهى، وقد علمت اعتماد بعضهم في القول بالحساب على جملة «اقدروا له»، وبطلان ذلك