للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معالم دينكم»، وقول المؤلف: «ليراضوا عليها»، يقال رضت الدابة أروضها رياضا ورياضة، إذا علمتها الركوب، ودربتها على السير، والمراد أنهم إذا علموا معالم الدين تعوّدوها فيسهل عليهم التزامها.

وقد أورد المؤلف معنى حديثين مستدلا بهما على أهمية تعليم الولدان: لفظ الأول: «إن الله لا يغضب، فإذا غضب سبحت الملائكة لغضبه، فإذا اطلع إلى الأرض ورأى الولدان يقرؤون تملى ربنا رضى» (١).

والحديث الثاني أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله مثل الذي يتعلم العلم في الصغر كالنقش في الحجر، ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء» (٢). وقال السخاوي: روي معناه مرفوعا: «من تعلم علما وهو شاب كان كوشم في حجر، ومن تعلم بعد ما يدخل في السن كان كالكاتب على ظهر الماء»، وبعد أن ذكر حديثا آخر قال: «ولا يصح واحد منهما» (٣).

ومهما يكن؛ فليس في هذا الحديث ما يستدل به على الترغيب عن طلب العلم في أي سن كان، بل المراد منه لو صح؛ الحث على التبكير في طلبه، والترغيب عن تأجيل ذلك وتسويفه، والله أعلم.

وقد أورد المصنف الحديثين بصيغة التمريض، وكثير من أهل الفقه لم


(١) رواه ابن عدي عن عبد الله بن عمر مرفوعا، وقال: «لا أعلم أحدا رواه عن ابن عيينة غير ابن علاج وهو منكر الحديث»، وقد ضعفه الذهبي وأقره الحافظ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، لكن لابن أبي علاج أكثر من متابع في شيخه سفيان، ولعله لذلك صححه السيوطي، وانظر مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة للغماري .
(٢) وفيه مروان بن سالم ضعفه الشيخان وأبو حاتم، ورواه بنحوه ابن الجوزي عن أبي هريرة، من طريقي هناد بن إبراهيم وبقية عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عنه، وقال لا يصح: هناد لا يوثق به، وبقية مدلس، ورواه عنه أيضا ابن عبد البر والبيهقي والديلمي وابن عدي، وانظر مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة للغماري .
(٣) «فتح المغيث شرح ألفية الحديث» للسخاوي: (٢/ ١٢ و ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>