سلم ثبوته؛ ما سلمت دلالته على المدعى لما يعلم من سبب وروده، وفي بعض المساجد تصلى التراويح عقب العشاء، ثم يأتي الناس سحرا فيصلون مرة أخرى، ولو أنهم صلى منهم ذلك من لم يصل قبل؛ لكان خيرا حتى يكون في ذلك سعة وتيسير عليهم، ولا أعرف لهذا الفصل بين صلاة الناس عقب العشاء، ثم رجوعهم للصلاة جماعة في آخر الليل سندا، والله أعلم.
ولا بد من التنبيه هنا على أن راتبة العشاء مشروعة قبل صلاة التراويح وأنها لا تدخل فيها، والأصل استصحاب الحال ما لم يأت الناقل وهو غير موجود، فليقلع الذين بعتبرون هذا العمل غريبا عن الجزائر وأنه وافد كما قالوا ذلك عن كثير من الأمور المشروعة التي هجرت بسبب الجهل فإذا أحياها أحد لمزوه بهذه الأوصاف التي اخترعوها ما أنزل الله بها من سلطان، وبلغ الأمر ببعضهم أن أوعزوا إلى الأئمة أن يسارعوا إلى إقامة صلاة التراويح مباشرة عقب الانتهاء من صلاة العشاء، كي يمنعوا من أراد أن يصلي هذه الراتبة، فوقعوا في مخالفة أخرى، وهي وصل الصلاة بالصلاة، وهل تلد الحية إلا حية؟، لقد حاز هؤلاء المسلمون وصفا من أوصاف الكفار الذين قال الله عنهم:«بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه»، وحسبنا الله ونعم الوكيل.