للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشار ابن أبي زيد في رثاء شيخه هذا إلى شيء مما تقدم، إذ قال:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها … فنحن بعدك نلقى الضيم والفتنا

ونحن بعدك أيتام بغير أب … إذ غيب التربُ عنا وجهك الحسنا

قد كان يعتز بالرحمن إذ قصدوا … لذله بهوان السجن إذ سجنا

كم محنة طرقته في الإله فلم … يجد في ذلك إذ في ربه امتحنا

كما سجل شيئا مما جرى لشيخه أبي الفضل الممسي الذي مات في قتال الروافض فقال:

يا ناصر الدين قمت مسارعا … وبذلت نفسك مخلصا ومؤيدا

وذببت عن دين الإله مجاهدا … وابتعت بيعا رابحا محمودا

عهدي به بين الأسنة لم يكن … لله عند لقا العدو كمودا

كانت حياتك طاعة وعبادة … فسعدت في المحيا ومت شهيدا

وشيخه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السبائي كان يغلظ على أئمة الجور وأهل البدع وبني عبيد، فناله منهم الأذى، وقد استأذن عليه يوما صاحب الحرس فهرب كل من معه من تلاميذه وغيرهم إلا القابسي، فلما خرج رجع من كان هرب، فقال لهم: «ما هذا حق الصحبة، تهربون وتتركوني»!!، ولامهم على فعلهم.

وقد لا يخفي عن ابن أبي زيد ما جرى لبعض المعاصرين له من العلماء كأبي عبد الله محمد بن العباس الذهلي الذي ضرب وطيف به عريانا في جميع القيروان على حمار، والدم يسيل منه ثم سجن، لأنه كان يفتي بمذهب مالك، ويطعن على السلطان.

وعبد الله بن أبي القاسم بن مسرور التجيبي الذي اشتد عليه المرض فخشي طلاب العلم أن يأخذ السلطان كتبه ويمنع الناس من الاستفادة منها ففرقها أثلاثا في ثلاثة مواضع، فكان أحد هذه الأثلاث في دار محمد بن أبي زيد.

وقد كان أبو حنيفة النعمان

<<  <  ج: ص:  >  >>