بلسانها لفا»، انتهى، ومن الغلو فيه ختمه في غير المدة التي شرعها رسول الله ﷺ كما جاء في حديث ابن عمرو من قول النبي ﷺ:«لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»، رواه أبو داود والترمذي والبيهقي، وقد روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه السنة (النص: ٨٨) عن أبيه عن ابن عباس قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال:«يا أمير المؤمنين قد قرأ منهم القرآن كذا وكذا»، قال ابن عباس، فقلت:«والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم هذا هذه المسارعة»، قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه، فانطلقت إلى منزلي كئيبا حزينا، فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي فخلا بي، فقال:«ما الذي كرهتَ مما قال الرجل آنفا»؟، فقلت:«يا أمير المؤمنين متى تسارعوا هذه المسارعة يحتقوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا»، قال:«لله أبوك، إن كنتُ لأكاتمها الناس حتى جئت بها»، انتهى، ومعنى الاحتقاق ادعاء كل منهم أن الحق معه، وقد لا يكون هذا الذي خشيه ابن عباس ومثله عمر ﵃ من المسارعة في حفظ القرآن الكريم متوقعا اليوم، لكن العبرة منه بينة لمن وفقه الله، وهي أن كثيرا من الأمور الظاهرة الصلاح لا تكون كذلك في حقيقة الحال، فكيف إذا صحبتها المخالفات المغمورة بالمظاهر التي تغطي عليها؟، وقد كان الواحد من الصحابة كابن عمر يعكف على حفظ سورة البقرة سنين، وعن عمران بن حصين قال، قال رسول الله ﷺ:«اقرؤوا القرآن وسلوا الله به، قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن فيسألون به الناس»، رواه أحمد والطبراني.
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية،،،»، الحديث، وفي الصحيح أيضا عن علي ﵁ قال، سمعت النبي ﷺ يقول: «يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم،،، الحديث، فانظر كيف جمع النبي ﷺ في وصفه لهؤلاء بين سفه العقل، وهو طيشه وخفته، وبين إحكام صورة