يلجأون إليه لينجو، وهو التمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، وختم بقوله «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».
والإحداث هو الابتداع، والمحدثات جمع محدثة هي البدعة، وقد قال ﵊: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وقال أيضا: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد»، والإحداث في العبادة أن يحدث عينها أو وصف لها أو قيد بما أطلق منها، والإحداث في المعاملة أن يخالف المنهي عنه منها، فشملهما الحديث.
والبدعة في اللغة ما فعل على غير مثال، واختلف العلماء في تعريفها، فعرفت بأنها ما أحدث وليس له أصل في الشرع»، وهو ما اختاره الحافظ، وهو كما ترى جيد، لكن إذا أتى وقت النظر في الأصل الذي له في الشرع تباعدت أنظار الناس، فضيق فريق، وتوسع آخر، وليس بالعسير أن يجد أصحاب الأهواء أصلا في الدين لما يختلقون، وقد فعلوا، وأنت تعلم من له الحق في معرفة ما له أصل، فإن ذلك ليس إلا للمجتهدين، وما أقلهم، وما زللهم ببعيد.
وقيل: «ما لم يقع في زمن النبي ﷺ، ودل الشرع على حرمته»، والجمع بين عدم الوقوع والحرمة فيه شيء، فإن كل ما يعبد به الله تعالى قد وقع في حياته، إذ إن الله تعالى قد أكمل الدين، فلا حاجة إلى قيد التحريم لمعرفة ما ابتدع من العبادات ابتداعا حقيقيا أو إضافيا، وإلا كان كل من ابتدع قال هذا ليس محرما.
وقيل: هي ما لم يقع في زمانه ﷺ، ودل الشرع على حرمته أو وجوبه أو ندبه أو كراهته أو إباحته، وهذا تعريف للبدعة قي اللغة، يناسب قول من ذهب إلى أنها تعتريها الأحكام الخمسة، وفي كلام الشافعي -رحمه الله تعالى- ما يجري على هذا النسق، بل وفي كلام الإمام ابن تيمية نفسه ما قد يؤخذ منه هذا.
قال الشافعي كما في الفتح: «البدعة بدعتان محمودة ومذمومة، فما وافق السنة، فهو محمود، وما خالفها فهو مذموم»، انتهى، وللشاطبي -رحمه الله تعالى- تعريف جامع مانع للبدعة وهو أنها طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يُقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية»، انتهى، وللناس في هذا المقام كلام كثير، واختلاف عظيم هو كما ترى في أمر عظيم الخطر في