للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليك، وصار الناس اليوم لا يذكرونه إلا قالوا ، والسر فيه أن أولئك كانت صلاتهم عليه ومحبتهم اتباعهم له، وعدم مخالفته، ولما لم يتبعه اليوم أحد من الناس، وخالفه جميعهم في الأقوال والأفعال خدعهم الشيطان بأن يصلوا عليه في كل ذكر، وأن يكتبوه في كل كتاب ورسالة، ولو أنهم يتبعونه ويقتدون به ولا يصلون عليه في ذكره ولا في رسالة، إلا حال الصلاة لكانوا على سيرة السلف»، انتهى.

والحامل له على هذا ما رآه من التفريط في متابعة النبي ، والتمسك بسنته، ثم الظهور بمظهر المعظم له المحب له، وهذا شأن الناس متى ساء عملهم لجأوا إلى المظاهر يغطون بها النقص، ومما يفعل في بلدنا وضع اليد على الصدر إذا ذكر النبي بأبي هو وأمي، وهو ديدن كثير من أهل الابتداع أو الجهلة اليوم، ووصفه بما لم يأذن الله فيه، وإطراؤه وقد نهانا عن ذلك، والزعم بأن من تعظيمه إحياء يوم مولده، وهو أمر لا يذهب إليه إلا جاهل أو ممار، ومن قال بمشروعيته من أهل العلم فهو متأول يرجى له مغفرة الله تعالى، وقد ربط النبي بين العناية بالمظهر في بعض المسائل وسوء العمل والمخبر، وذلك أن المرء إذا شعر بالتقصير في جانب أو التفريط غطى ذلك وعوضه بما يسهل عليه كما في قول النبي : «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد» (١).

وقال بعضهم في هذا المعنى:

وما الحلي إلا زينة من نقيصة … يتمم من حسن إذا الحسن قصرا

فأما إذا كان الجمال موفرا … كحسنك لم يحتج إلى أن يزورا

والمقصود أن كلام ابن العربي حق من حيث مراده منه كما تبين لك، أما أن يصلي المسلم على نبينا كلما ذكر؛ فهذا منصوص عليه، بل ذهب بعض العلماء إلى وجوبه أخذا بظواهر عدة أحاديث، فمن فعل فهو مأجور إن شاء الله، لأنه أصاب شيئا من سنته، وعظمه بما شرع له تعظيمه به، وعليه مع ذلك وزر تفريطه فيما عدا ذلك مما خالف من


(١) رواه ابن ماجة عن أنس .

<<  <  ج: ص:  >  >>