المدنية، والحريات الشخصية، وما انتحاه كثير من المنتسبين إلى الإسلام من فكرة العلمانية، وغير ذلك من المصطلحات البراقة الخادعة المغرية.
ومن الحفظ العملي التطبيقي لهذا الدين ما أشار إليه النبي ﷺ في قوله:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون»، وهو حديث متواتر، والظهور أنواع أصلها ظهور الحجة والبرهان، وهي كامنة في أصلي الدين، تظهر على أيدي أهل العلم لمجاهدة الكفر والطغيان باللسان، فإنه الجهاد المتاح في كل أوان، وقد يكون مع هذا غيره من بقية أنواع الظهور بحسب أخذ المسلمين بالأسباب الشرعية، والسنن الكونية، فإن اللع تعالى وعد ووعده حق فقال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٥٥)﴾، ومن أسباب الحفظ ما كلفت به الأمة فردا فردا من وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما مناط خيريتها وتفضيلها على غيرها كما قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)﴾، وقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، ولا بد من إقامة التوازن الشرعي المطلوب في التعامل مع نصوص الكتاب والسنة بحيث تطاع جميعا ولا يترك بعضها لبعض، فإن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل كل الناس حاكمين ومحكومين، فعلا وتلقيا، أمرا وائتمارا، وللحكام مزية في هذا الأمر، فلا يناصحون علنا، لأن ذلك قد يكون مسلكا لتهييج الدهماء والرعاع للخروج عليهم، لكن هذا لا يصح أن يبالغ فيه فيؤدي إبلا التفريط في هذا الواجب كما عليه فريق من الناس، وينبغي أن يفرق بين ما يرجع من ذلك إلى أشخاص الحكام مما المخالفة فيه قاصرة عليهم، ومثله ما يرجع إلى جورهم في حق الفرد من أخذ ماله بغير حق أو ضربه، وما يرجع إلى الشأن العام الذي يعلن عنه بمخالفة الشرع وتبديله، ولأن في هذا السكوت ترك الغوغاء ينفردون بالكلام، وغالبه سباب وشتم، ثم يتخذ ذلك تعلة إلى ما وراءه، فضلا عن اتهام أهل العلم بالسكوت على الباطل كما هو الحاصل.
ومما يدخل في هذا الحفظ ما قام به ويقوم أئمة المسلمين وعلماؤهم الذين خدموا