المخالفين، من المعتزلة والقدرية والجهمية والإباضية بعد ذكر أباطيلهم، وقد كان يعايش بعضهم في العراق، فتطلب ذلك منه مجادلتهم بأساليبهم، لكنه يقدم في الذكر الرد من الإجماع والكتاب والسنة، ثم ينتقل إلى غيره، وقد جهل بعض الناس هذا الأمر، فوصف القاضي عبد الوهاب بما هو منه براء.
قال محقق شرحه بدر العمراني الطنجي أحسن الله إليه:«وقد قرأتها فأدركت ما فيها من غرر الأدلة، وسواطع البراهين، وقواطع الحجج في الرد على المخالفين والمبتدعين على المنهج السلفي الذي كان عليه قدماء المالكية إلا ما كان من نزوع خفيف لمذهب الأشعري في نحو مسألة الكسب، واستخدام طريقة المتكلمين واصطلاحهم أحيانا».
والذي يظهر من تتبع شرح القاضي عبد الوهاب أنه ممن لا يلجأون إلى التأويل إلا نادرا، وهو ما كان عليه قدماء الأشاعرة، أما متأخروهم فأوغلوا فيه قال صاحب الجوهرة:
وكل نص أوهم التشبيها … أوله أو فوض ورم تنزيها
وهذا الذي ذكرته عن شرح القاضي عبد الوهاب قال عنه الشيخ بكر أبو زيد وهو بصدد بيان تحريف أبي غدة ﵀ لبعض ما في الرسالة، (ص ٩)، «إن شرحي القاضي عبد الوهاب، ومحمد بن موهب المقبري يلتقيان مع ابن أبي زيد على طريقة السلف، كما يفيده نقل ابن القيم عنهما في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية)، وكل أحد عدا المعصوم يؤخذ من قوله ويرد، كما استفدت مما كتبه الشيخ عبد المحسن العباد، ولما أسعفني الأخ محمد سحولي جزاه الله خيرا بكتاب الجامع لابن أبي زيد، وهو الذي ختم به كتابه مختصر المدونة استفدت منه فيما كتبت، لكونه وسع الكلام فيه أكثر مما هو في عقيدته هذه، وهو نافع في دفع بعض ما تؤول عليه في شرح كلامه، فإن المتكلم أولى بشرح قوله من غيره.
وأثناء إقامتي بالمدينة مهاجر رسول الله ﷺ في موسم حج عام (١٤٢٥ هـ) اطلعت في مسجد رسول الله ﷺ في قسم العقيدة على كتب فيها لم أكن أعرفها، مما كتب في أواخر القرن الثاني وما تلاه كأصول السنة للحميدي، وأصول السنة للإمام أحمد بن حنبل، وعقيدة الإسماعيلي، وكتاب الإيمان ومعالمه وسننه لأبي عبيد القاسم بن سلام، وهي وإن لم يكن بي إليها حاجة في معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة فإنها ولله الحمد معروفة عند