المسلمين، إلا أن الاطلاع على علم الأقدمين محبب إلي، فحملني ذلك على إثبات شيء منها في هذا الشرح بحسب ما يسمح به المقام.
واعلم أني إذا أثبت كلاما لبعض الناس ولم أتعقبه فلأني أراه، ولست مجرد متابع له، وقد يكون غير معتمد في أمور أخرى في العقيدة خصوصا، أو فيها وفي غيرها، حاشا التفريعات المذهبية فإنها يصعب الاستدلال لها كلها، وهي في غالبها آراء وكثيرا ما أوردتها، وقد رميت من وراء ذلك إلى أن لا تقام الحواجز بين المسلمين في أخذ بعضهم عن بعض كما دأب عليه فريق من الناس في هذا العصر، والشرط أن يكون النقل في دائرة الحق، وأن يطمئن إليه الناقل، فإن علمت من أحد خلافا منهجيا أو عقديا فلا أثبت كلامه إلا لرده، والذي دعاني إلى هذا التنبيه هو أن كثيرا من شراح الرسالة قد صرفوا كلام ابن أبي زيد عن ظاهره، وحملوه على غير مراده، فنال عقيدته كثير من التشويه، ولا سيما بعد أن أدمج التصنيف بالشروح، فأصبح الإثنان يمثلان نسيجا واحدا، ولذلك لم أعرج على أقوالهم فيما علمت أنه مخالف لما كان عليه السلف، وقد أنقل منها ما علمت أنه غير مخالف، ولا ضير علي في الاستفادة من كلامهم في غيرها، كذكر أقوال أهل المذهب، وتوجيهها، وقد سبقني بعض الشراح إلى هذا الأمر.
فالشيخ زروق يقول:«فأما العقيدة فاعتمدت فيها على شرح الشيخ ناصر الدين المشذالي تلميذ الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وعمدة الشراح في ذلك، ثم شرح شيخنا أبي العباس أحمد بن اليزليتني المعروف بحلولو»(١)، وقد اعتمد في غير العقيدة على مختصر أبي عبد الله بن عرفة التونسي كما ذكره في خاتمة شرحه.
وليس المراد من الكتابة في العقيدة إثبات أقوال الناس واستيعاب ذكر الخلاف، فإن العقيدة لا تقبل الخلاف في حقيقة الأمر، وإن كان بعض العلماء يذكرون الأقوال ليبينوا زيفها ويردوا باطلها.
وغالب أصحاب الشروح من أتباع مالك بن أنس في الفروع، لكنهم خالفوه في كثير