للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم، فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قول الله ﷿ ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾] النصر: ١]؟، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟، فقلت: لا، فقال: ما تقول؟، فقلت: هو أجل رسول الله أعلمه الله، قال ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾] النصر: ١]، فذلك علامة أجلك، ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)[النصر: ٣]، فقال عمر بن الخطاب: لا أعلم منها إلا ما تقول» (١)، وعن ابن عمر عن النبي قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هي؟، فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: «يا رسول الله أخبرنا بها»، فقال رسول الله : «هي النخلة»، قال عبد الله: «فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: «لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا، وكذا» (٢).

وثالثتها: أن المعلم عليه أن يضع علمه حيث ينتفع به، وعليه أن يؤثر النفع الأكثر، والنفع يكون أكثر كلما كان المتعلم أصغر، فإن المرء إذا كبر ثقل عليه الفهم، وعسر عليه التحول عما ألف واعتاد إلا من رحم الله، وسيأتي قول المؤلف: «وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه»، وقد قال رسول الله في جملة السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله «وشاب نشا في طاعة الله» (٣).

والمراد من تشبيه تعليمهم الفرائض وغيرها من الأحكام بتعليمهم القرآن؛ الحرص على هذا كالحرص على الآخر، أو العناية بالبيان والتوضيح بحيث لا يبقى لبس، والظاهر أن المصنف قد انتزع هذا التشبيه من قول جابر كما جاء في الصحيح عنه: «كان رسول الله


(١) رواه البخاري (٤٩٧٠).
(٢) رواه البخاري (٦١).
(٣) رواه مسلم (١٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>