سورة الأعراف [٧: ٥١]
{الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}:
{الَّذِينَ}: اسم موصول.
{اتَّخَذُوا}: من اتخذ، من أفعال التحويل، والتصيير، والاتخاذ: فيه معنى الاستمرار، والتعب، والمشقة.
{دِينَهُمْ}: الدِّين: هو ما يطاع به المعبود، ويشمل الشريعة، والعقيدة، والمنهج، والجزاء.
{لَهْوًا وَلَعِبًا}: اللهو: هو كل شغل يُلهي عن واجب؛ يعني: أهملوا واجباتهم وعطَّلوها: بالأغاني، والموسيقا، والأفلام، واللهو، والعبث: هو الذي يشغل الإنسان عن تطبيق شرائع الله؛ مثل: الصلاة، والزكاة، والصيام.
{وَلَعِبًا}: اللعب: شغل لا يُلهي عن واجب، وقد يتحول اللعب إلى لهو إذا شُغل العبد عن واجب، تلاعبوا بدينهم الذي شرع الله لهم، فأحلوا، أو حرموا حسب أهوائهم؛ فجعلوا البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، واستهزؤوا بالله، وآياته، ورسله، أو انتحلوا العقائد الباطلة. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٣٢), وسورة العنكبوت آية (٦٤) للمقارنة ومزيد من البيان.
{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}: أيْ: خدعتهم شهواتها، وكثرة المال، والعرض، والمتاع، والقوة، وطول العمر، وحسن العيش، والمكانة، أو الجاه… وغيرها.
{فَالْيَوْمَ}: الفاء: للتوكيد، اليوم: أيْ: يوم القيامة دل على ذلك معنى التشبيه.
{نَنسَاهُمْ}: أيْ: نتركهم في النار، ولا نذكرهم، والنسيان؛ يعني: الإهمال والترك.
وحاشا لله أن ينسى، أو يتصف بالنسيان، وإنما هو على قبيل المشاكلة في اللفظ.
{كَمَا}: الكاف: للتشبيه، أو التعليل، وما: مصدرية.
{نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا}: نسوا لقاء ربهم في هذا اليوم، ولم يستعدوا له.
{وَمَا}: الواو: عاطفة، ما: للتوكيد. ويدل ذلك على حرمانهم من رحمة الله؛ لأنهم كانوا بآياتنا يجحدون.
{كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}: الجحود: هو أخص من الإنكار، وهو إنكار الشيء الظاهر، أو الشيء المعلوم؛ مثل: إنكار الآيات الواضحة، والظاهرة للعيان، أو إنكار الشيء مع العلم به؛ أي: لا يصدقون.
وأما الإنكار: فهو إنكار الشيء الخفي غالباً، وأحياناً الشيء الظاهر، والإنكار أعم من الجحود، مثل: إنكار النِّعمة، ويكون مع العلم، وغير العلم بالشيء، أو النِّعمة؛ كقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النحل: ٨٣].