المناسبة: كما ذكر القرطبي؛ قيل: إن جماعة من كفار قريش منهم: أبو جهل، وأبو سفيان، وأبو لهب، وأم جميل كانوا يتنصتون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ القرآن؛ ليسمعوا ما يقول، وكانوا يؤذونه؛ فحجب الله سبحانه عنهم سماع القرآن، وكذلك حجب الله سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن أبصارهم عند قراءة القرآن؛ فكانوا يمرون به، ولا يرونه، ولا يسمعونه، ومثال على ذلك: حين نزلت سورة "تبت يدا أبي لهب"؛ فجاءت امرأة أبي لهب بحجر، والنّبي -صلى الله عليه وسلم- مع أبي بكر؛ فقالت لأبي بكر: أين صاحبك الّذي هجاني؟ ولم تر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرها أبو بكر بأن السّورة ليست من قوله. وقيل: نزلت في أبي سفيان، والنضر بن الحارث، وأبي جهل، كما روي عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- .
{وَإِذَا}: ظرف زمان يتضمن معنى الشّرط، واستعمال إذا: يفيد حتمية الوقوع، وكثرة وقوعه.
{قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}: ولم يقل: ساتراً، بل: مستوراً؛ مبالغة في الستر، والإخفاء، وهذا الحجاب نفسه مستور، حجاب معنوي يمنعهم من سماعك، أو رؤيتك، كما قال تعالى:{رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}[الرعد: ٢].
مستور: على وزن مفعول؛ أي: مانع للعين من الرؤية، ومانع للأذن أن تسمع، والقدرة الإلهية الّتي تُسير هذا الكون قادرة على أن تعطل أيَّ أداة عن أداء مهمتها؛ فلا عجب؛ فقد جعل النّار برداً وسلاماً على إبراهيم -عليه السلام- .