للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الرعد [١٣: ٢٧]

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}:

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ}: ارجع إلى الآية (٧) من السّورة نفسها؛ للبيان، وفي سورة العنكبوت، آية (٥٠): {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}: إذن هم لم يكتفوا بآية واحدة، بل طلبوا إنزال أكثر من آية، وردَّ الله سبحانه عليهم: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} [العنكبوت: ٥٠].

{قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: ٣٧].

{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} [الإسراء: ٥٩].

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ٥٠].

{وَمَا تُغْنِى الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: ١٠١].

{إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: ٧].

فالقرآن وحده يكفي لهم كآية، والله قادر على أن ينزل آية، أو آيات، ولكن كذب بها الأولون، وإذا أنزل آية، ولم يؤمنوا بها، استأصلهم الهلاك عن بكرة أبيهم.

{قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}: أي: إنزال آية لن يُغير مجرى من ضل بنفسه، واستمر في ضلاله، وعناده، وجحد بآيات ربه؛ فالله سبحانه يتركه لضلاله، وعناده؛ ليزداد ضلالاً، وكفراً، وكذلك إنزال آية على من اهتدى، وآمن؛ فلن يؤثر، ويُغير مجرى إيمانه، ولكنه سبحانه يُعين هذا إذا استعان بالله، ويزيده هداية.

{وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}: بدلاً من: ويهدي من أناب إليه، وتقديم الجار والمجرور: يفيد الحصر؛ أي: إليه وحده يهدي من أناب.

{أَنَابَ}: الإسراع والرّجوع إلى الله سبحانه، والإقبال عليه، وليس ضرورياً أن تكون نتيجة ذنب، أما التوبة تكون صادرة عن ذنب والعزم على تركه، وعدم الرجوع إليه، والندم والإكثار من الأعمال الصالحة.

وقدم: يُضل من يشاء، على: يهدي إليه من أناب؛ لأنّ الضّالين في الأرض أكثر من المهتدين.