جاءت هذه الآية رداً على الّذين يجادلون في البعث والحساب والدّار الآخرة وينكرون قيام السّاعة، وبعد أن جاء بالدّليل على قدرته سبحانه في خلق السّموات والأرض الّذي هو أكبر من خلق النّاس، أخبر بوقوعها لا محالة فقال تعالى:
{إِنَّ السَّاعَةَ}: إن للتوكيد، السّاعة: أو قيام السّاعة. وسميت السّاعة وهي لحظة بدء تهدّم النّظام الكوني الحالي.
{لَآتِيَةٌ}: اللام للتوكيد، الخطاب موجّه إلى منكري البعث خاصة، والكفار والذين يجادلون في آيات الله, لذلك ناسب التّوكيد بإنّ واللام.
{لَا رَيْبَ فِيهَا}: لا النّافية، الرّيب: الشّك مع التّهمة؛ أي: هم يشكون في السّاعة ويكذبون بالآيات الّتي تخبرهم بقدومها، ويتّهمون الرّسول -صلى الله عليه وسلم- بالأباطيل. ارجع إلى سورة طه الآية (١٥) للمقارنة والبيان.
{وَلَكِنَّ}: حرف استدراك وتوكيد.
{أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}: أي لا يصدقون بالبعث وبالساعة والقلة يؤمنون بها ويعلمون أنّها الحق ولذلك يستعدون لها.
وإذا قارنّا هذه الآية (٥٩) من سورة غافر: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} مع الآية (١٥) من سورة طه: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} نجد أنّه في سورة غافر أكد بإن واللام ولا ريب فيها: ثلاث توكيدات؛ لأنّ الخطاب موجه لمنكري البعث والسّاعة، بينما في سورة طه لم يؤكد بشيء؛ ذلك لأنّ الخطاب لموسى عليه السّلام وهو رسول الله ومؤمن بالسّاعة والبعث فلا يحتاج إلى أيّ توكيد. ارجع إلى سورة طه آية (١٥) لمزيد من البيان ومقارنة الآيات المماثلة.