{وَلَمَّا}: الواو استئنافية، لما: ظرف زماني بمعنى حين.
{ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا}: أي: عيسى ابن مريم، والسؤال: لماذا لم يُذكر المسيح عيسى ابن مريم، وقال ابن مريم؟ لأن المسيح ليس اسماً، بل لقب، وعيسى اسم يأتي في سياق التكليف والثناء، وعامة، وابن مريم (كنيته) لا تأتي في سياق التكليف؛ لا بُدَّ من معرفة سبب نزول هذه الآية لتساعد على فهم هذه الآية:
روي عن ابن عباس، وجاء في أسباب النّزول للواحدي أنّه لما نزلت الآية (٩٨) من سورة الأنبياء، وهي قوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} شق ذلك على قريش وقالوا: شتم آلهتنا فجاء ابن الزّبعرى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أهذا لآلهتنا خاصة أو لكلّ من عُبد من دون الله قال -صلى الله عليه وسلم-: لا بل لكلّ من عُبد من دون الله، فقال ابن الزّبعرى: خصمتك ورب الكعبة ألست تزعم أنّ الملائكة عباد صالحون، وأنّ عيسى عبد صالح وأنّ عزيراً عبد صالح، فهذه بنو مليح تعبد الملائكة وهذه النّصارى تعبد عيسى وهذه اليهود تعبد عزيراً، فإن كان كلّ هؤلاء في النّار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم فضج مشركو مكة فرحاً وصخباً.
ضرب ابن مريم مثلاً: أيْ: ضرب كفار قريش ابن مريم مثلاً لما يُعبد من دون الله، فإذا كان في جهنم فلا مانع أن يكونوا هم وآلهتهم معه، أيْ: مع عيسى في جهنم.
{إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}: إذا الفجائية، قومك: الّذين أشركوا، قومك منه يصدون: انتبه إلى كلمة يصدون، هناك من يقرأ يصِدون بكسر الصاد وهناك من يقرأ يصُدون بضم الصاد، يصِدون: بكسر الصّاد تعني يصخبون يضجون، أي: الصّخب والضّجيج، يصُدون: بضم الصاد تعني: يُعرضون ويعدلون عن عيسى أو عن القرآن، ويقولون في القرآن تناقض، آية تقول: عيسى في النّار وآية تقول: عيسى مستثنى من النّار، قومك منه: هاء الضّمير قد تعود على عيسى عليه السّلام، وقد تعود على القرآن ويجوز كلا التّفسيرين معاً.