سورة آل عمران [٣: ١٣٧]
{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}:
{قَدْ}: حرف تحقيق؛ أي: الواقع المذكور في هذه الآية قد حدث.
{خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ}: مضت؛ أي: حصلت في أزمان سبقت هذا الكلام.
{سُنَنٌ}: جمع سنة، وهي الطرق التي يصرف الله بها كونه بما يحقق مصلحة ذلك الكون، وسنن الله في خلقه وقوانينه، من هذه السنن: أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
سنة التولية: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ١٢٩].
سنة التدافع: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١].
سنة التداول: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠].
سنة الابتلاء: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ٢]، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: ٤٢].
سنة التسخير: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: ٣٢].
{فَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}: الفاء: للتعقيب والمباشرة؛ أي: سافروا للسياحة سفر للعبرة غايته الاتعاظ، والاطلاع على آثار وديار الهالكين من القرون الأولى، السير: يعني السفر، فانظروا: فاعتبروا بالوقوف على ديار الهالكين المكذبين، وما حل بهم من دمار، مثل: قوم نوح، وعاد، وثمود، ولوط.
ولنقارن هذه الآية بآية (١١) من سورة الأنعام: {قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.
استعمل فيها (ثم) بدلاً من (الفاء)، ثم: فيها تراخٍ، ومهلة؛ أي: سيروا في الأرض لطلب العلم مثلاً، أو للتجارة، أو الرزق، وخلال أو بعد ذلك قوموا بزيارة ديار الهالكين، والمكذبين، والآثار التي تركوها.
أما سيروا فانظروا: الفاء: تعني السفر الذي غايته الأساسية: السياحة والعبرة، ورؤية ديار الهالكين، والمكذبين مباشرة بعد الخروج.