للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنبياء [٢١: ٣٠]

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}:

{أَوَلَمْ}: الهمزة للاستفهام.

{يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: الرّؤية هنا رؤية قلبية ورؤيا بصرية وتعني أيضًا أولم يعلم الّذين كفروا، ولماذا الخطاب موجَّه إلى الّذين كفروا؛ لأنّ الّذين كفروا أو المشركين هم الّذين سيكشفون هذه الحقائق الكونية وهم من سيراها أولاً ومع ذلك، هم عن آياتها معرضون.

{أَنَّ}: مصدرية تفيد التّعليل والتّوكيد.

{السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا}: من الرّتق هو الالتصاق التّام؛ أيْ: كانتا في بداية نشوء الكون متصلتين ببعضهما، عبارة عن جرم واحد متناهٍ في الصغر والحجم ذات طاقة ومادة متناهية في العظم، ثمّ فجر الله تعالى هذا الجرم إلى كتلة من الدّخان ويسمونها عملية الانفجار العظيم..

فخلق الله من هذا الدخان الأرض والسّماء معاً في لحظة واحدة، وبذلك تشكلت الأرض الابتدائية، والسّماء الابتدائية، ثمّ تمايزت الأرض بأن أنزل الله الحديد من انفجار النيازك في السّماء، ثمّ سقطت على الأرض الابتدائية الّتي كانت عبارة عن كومة من الرّماد واخترقت كومة الرماد لتستقر في مركز الكرة الأرضية بشكل صلب وشكلت (٩٠%) من الطبقة الأولى من الأرض.

ثمّ تمايزت الطبقة الثّانية من الأرض بشكل حديد منصهر مختلط ببعض العناصر الأولى، ثمّ تشكلت (٣) أغطية، ثمّ تشكلت الطبقة ما دون القشرة، ثمّ القشرة الأرضية، وذلك باختلاف كمية الحديد في هذه الطبقات السّبع؛ السّبع كرات الّتي وصفها الله بسبع أرضين.

ثم استوى إلى السّماء وهي دخان، سماء واحدة فسواهن سبع سموات، سبع كرات هائلة كلّ كرة تغلف ما تحتها وجعل مركز هذا الكرات السّبع؛ أيْ: السّموات السّبع الأرض المتكونة من سبع أرضين، فبذلك شكل هذا الكون المكون من سبع سموات طباقاً، سبع كرات مركزهن الأرض المشكلة من سبع أرضين يحيط بهذا كله عرش الرحمن سبحانه. فقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة»، وما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس، وما وري عن ابن مسعود، وما قاله ابن القيم في (زاد المعاد) كل تلك الأقوال تدل على أن العرش هو سقف المخلوقات؛ أي: السموات، وارجع إلى سورة هود آية (٨) لمزيد من البيان عن العرش والكرسي.

ونحن لا نعلم عن هذه السّموات السّبع إلا الجزء اليسير المحدود بالسّماء الدّنيا الّتي تزينها هذه النّجوم والمجرات، فالسّموات السّبع غيب لا يعلمها إلا الله سبحانه. ارجع إلى سورة فصلت آية (١٠-١١)، وسورة الأعراف آية (٥٤)، وسورة البقرة آية (٢٢-٢٩).

{فَفَتَقْنَاهُمَا}: الفتق هو: الفصل أيْ: فصلنا السّماء عن الأرض وانفصلت السماء إلى المجرات والكواكب والنّجوم.

وبعد مرحلة الدّخان، ثمّ تبرد الدّخان وأول ما تشكلت النّجوم وسماها المصابيح.

{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ}: كلّ شيء: شيء نكرة سواء إنسان أو حيوان، أو نبات، ولولا الماء لما عاش إنسان، أو حيوان، أو نبات في الأرض، ونسبة تركيب الماء في جسم الإنسان يساوي تقريباً (٧٠%) من وزن الإنسان.

{أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}: الهمزة همزة استفهام إنكاري وتوبيخ على عدم الإيمان وتعجُّب، وألا: أداة تنبيه وحضٍّ، وتعني الأمر على الإيمان بالله بعد كلّ هذه الدلائل والبراهين على قدرته وعظمته.