للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة يونس [١٠: ٢٦]

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}:

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا}: اللام: لام الاختصاص، والتّوكيد. الّذين أحسنوا: إيمانهم: إحسان الكم، وإحسان الكيف؛ إحسان الكم: الزيادة في العدد؛ إحسان الكيف: يعبدوا الله سبحانه كأنهم يرونه، وإن لم يكن يرونه؛ فهو يراهم. ارجع إلى الآية (١١٢) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.

ولهم ميزات تتجلَّى بقيام الليل، والعفو، والصّبر، والصّدق، والإنابة، والخوف، والخشية. والإحسان يشمل: العبادات، والمعاملات، والأخلاق، والإخبات، والإخلاص، والتّوكل، والرّضا، والحياء، والتّواضع.

{الْحُسْنَى}: على وزن فُعلَى، ومثلها: أفضل فُضلى، وأكبر: كبرى، ويسمَّى أفعل التفضيل، ويدل غالباً على شيئين اشتركا في المعنى، وزاد أحدهما على الآخر. والحسنى: قيل: هي الجنة، أو الجزاء في الآخرة، وقيل: هي الحسنة بعشر أمثالها.

{وَزِيَادَةٌ}: قيل: الزّيادة هي المغفرة والرّضوان، ورضوان من الله أكبر.

وقيل: الزّيادة لذة النّظر إلى وجه الله الكريم؛ كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢-٢٣].

{وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ}: لا: النّافية، وجاءت لتأكيد النّفي؛ لأنّ لهم الحسنى؛ فكيف يرهق وجوههم قتر، ولا ذلة؟ جاءت للتأكيد؛ تأكيد ابتعادهم، ونجاتهم من النّار، وتذكير لهم بتلك الحسنى.

{وَلَا يَرْهَقُ}: لا يغشي، ولا يغطي وجوهَهَم قتر ولا ذلة. القتر: أصله من الدّخان الأسود الخارج من الشّواء، أو الفحم، والحطب… ونحوهما، وهو كذلك الهواء الّذي يمتلئ بدخان الدّهن المحترق من اللحم يصيب الوجه، فيؤدِّي إلى طبقة سوداء تسمَّى قترة، أو غبرة، وكلمة يرهق من رهقه يَرْهَقه؛ إذا غشيه بقهر؛ أيْ: لا خيار لهم بتجنُّب ذلك.

{وَلَا ذِلَّةٌ}: وتكرار لا: لتأكيد النفي، وفصل كلّاً من القتر عن الذّلة؛ أيْ: لا هذه، ولا تلك، ولا كلاهما، والذّلة: المذلة، والهوان، والصّغار؛ الّتي تبدو على وجوههم بمظهر الكآبة واليأس.

{أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: أولئك: اسم إشارة، واللام: للبعد؛ ليدل على بعد منزلتهم العظيمة.

{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}: أي: الملازمون للجنة؛ المقيمون فيها ملازمة الصّاحب لصاحبه، أو الإنسان لمنزله، والمالكون لجناتهم؛ فلا أحد يخرجهم منها.

{هُمْ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.

{خَالِدُونَ}: الخلود: هو استمرار البقاء، وعدم الفناء، والزّوال، ويبدأ من وقت دخولهم الجنة.