سورة فاطر [٣٥: ٣٤]
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}:
{وَقَالُوا}: تعود على الّذين اصطفينا من عباده والذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصّلاة.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}: وقبل ذلك قالوا: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزّمر: ٧٤] عندما دخلوا الجنة.
وقالوا كذلك: الحمد لله {الَّذِى هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ} [الأعراف: ٤٣] والآن يقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}.
وهل في الجنة حمد وتسبيح وسلام نعم، وليس تكليفاً، وإنما من وسائل متاعهم في الجنة كما يتمتعون بنعيمها والخلود فيها يتمتعون بذكر الله العظيم وحمده على كلّ هذه النّعم والرّضوان.
والحمد لله: على إحسانه وفضله وكرمه.
الّذي: اسم إشارة يفيد التّعظيم.
أذهب عنا الحزن: أزال وكشف عنا الحَزَنَ بكلّ أنواعه وأسبابه.
الحَزَنَ: الألم النّفسي النّاتج عن ضيق في الصّدر فإذا كان دائماً لا ينتهي حتّى يموت الإنسان سُمِّي الحَزَن بفتح الحاء، أمّا إذا كان مؤقتاً (في الدّنيا) ومحدَّداً بزمن وينتهي، سُمِّي الحُزن بضم الحاء، وسماه الحَزَن؛ لأنّه استمر حتّى دخلوا الجنة سواء كان في الدّنيا أو في مقام أرض المحشر، فقد طال، وقد يعني أذهب عنا الخوف والحزن النّاتج عن ارتكاب الذّنوب والتّقصير في العمل للآخرة.
{إِنَّ رَبَّنَا}: إنّ للتوكيد، ربنا: لأنّ السّياق ليس في ذكر النّعم قالوا: ربنا.
{لَغَفُورٌ}: اللام للتوكيد، غفور صيغة مبالغة من غفر، أيْ: ستر ذنوبنا ولم يفضحنا أمام الخلائق، وستر لنا تقصيرنا في العبادة والطّاعة.
{شَكُورٌ}: لأنّه يثيبنا على طاعتنا ويضاعف لنا حسناتنا ويدخلنا بفضله وإحسانه الجنة، ويعني: الثّواب الجزيل على العمل القليل، وشكور صيغة مبالغة، أيْ: كثير الشّكر، كثير الثّواب والإحسان والفضل. ارجع إلى الآية (٣٠) من نفس السّورة.