للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة غافر [٤٠: ٦١]

{اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}:

هذا دليل آخر على قدرته وعظمته سبحانه على الخلق والبعث وفضله على النّاس.

ولنعلم أنّ هذه الآية ذُكرت لأهميتها في ثلاث سور من القرآن، وتدل على عظمته وقدرته ورحمته بالناس، وتعتبر من آيات الإعجاز العلمي في القرآن بأن جعل لهم الليل ليسكنوا فيها والنّهار مبصراً.

هذه السّور هي:

سورة يونس آية (٦٧): {هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}.

سورة النّمل آية (٨٦): {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}.

سورة غافر آية (٦١) {اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}.

{جَعَلَ لَكُمُ}: الجعل يكون بعد الخلق؛ أي: سبحانه خلق السّموات والأرض أولاً ثم جعل الليل والنّهار.

{لَكُمُ}: اللام لام الاختصاص، جعل لكم الليل والنّهار؛ أي: جعل لكم الطّبقة الغازية المحيطة بالأرض الّتي تسمى (النّهار) وتضيء بأشعة الشّمس، ولا توجد هذه الطّبقة الغازية حول أيّ كوكب إلا الأرض فهذا خاص بكم. ارجع إلى سورة يونس آية (٦٧) لمزيد من البيان.

وجعل لكم {الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}: اللام في كلمة (لتسكنوا) للتعليل، ولتسكنوا فيه: من السّكون، الانقطاع عن الحركة؛ أي: الرّاحة والنّوم والسّكينة الهدوء، و (تسكنوا) جاء بصيغة المضارع ليدل على التّجدد والتّكرار (بالنّوم) ودلالة على نعمة الرّاحة في الليل ليكون الإنسان نشيطاً في الصّباح ويزاول عمله مرة أخرى.

{وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}: ارجع إلى الآية (٦٧) من سورة يونس للبيان.

{إِنَّ اللَّهَ}: للتوكيد.

{لَذُو فَضْلٍ}: اللام للتوكيد، ذو: صاحب وذوا شرف من صاحب، فضل: الفضل هو الزّيادة عما يستحق العبد.

{عَلَى النَّاسِ}: على تفيد العلويّة؛ أي: فضله ينزل على النّاس.

{وَلَكِنَّ}: حرف استدراك وتوكيد.

{أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}: لا يشكرون ربهم على نعمة الليل, ونعمة السكن, ونعمة الضياء, والتقلب في النهار, ولا يشكرونه على نعمه وفضله عليهم؛ بسبب انشغالهم بالنّعمة ونسيان المنعم، أو بسبب الشّيطان الّذي يُنسي الإنسان ذكر ربه، أو بسبب الظّن أنّ النّعمة تنحصر فقط بالمال وينسى نعمة الصّحة والعافية والأهل والأمن والطّمأنينة – والعلم – وغيرها.

وتكرار كلمة النّاس: للتوكيد على الكفر بنعمة الله؛ أي: سترها وجحدها، أو غفلتهم.

{لَا}: النّافية.

{يَشْكُرُونَ}: أي أكثر النّاس لا يشكرون والقليل يشكرون، أو كمية الشّكر الصّادرة عنهم قليلة مقابل النّعم الكثيرة.

ولا يشكرون بصيغة المضارع تدل على تجدد وتكرار عدم شكرهم المنعم. ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٠) لمزيد من البيان.