للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة المؤمنون [٢٣: ٢٧]

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ}:

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}: الفاء: للترتيب والتّعقيب، أوحينا: الوحي هو الإعلام بخفاء، وله طرق مختلفة ارجع إلى سورة النّساء الآية (١٦٣) إليه: إلى نوح -عليه السلام- .

{أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}: أن تعليلية تفسيرية، اصنع الفلك: ابنِ الفلك: السّفينة.

{بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}: الباء: للإلصاق، والاستمرار، بأعيننا: بمراقبتنا، ووحينا: بما نوحيه إليه من التّعاليم كيف تصنعها، ولمعرفة معنى الوحي ارجع إلى سورة النّساء آية (١٦٣).

{فَإِذَا}: الفاء للتأكيد، إذا ظرفية زمانية للمستقبل وفيها معنى الشّرط.

{جَاءَ أَمْرُنَا}: بإنزال العذاب (الطّوفان) والمجيء فيه معنى الصّعوبة والمشقة.

{وَفَارَ التَّنُّورُ}: قيل: التنور بيت النّار الّذي يوضع فيه الخبز العجين ليصبح خبزاً ناضجاً، فحين ترى ذلك التنور يفور بالماء فهذه علامة على بدء الطوفان، فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين، هذا هو تفسير المفسرين القدامى والله سبحانه قادر على ذلك، ولكن تفسير فار التنور حسب معطيات العلم الحديث يشير إلى ثورة بركان يصاحبه هزة أرضية عنيفة حدث معها ما يشبه السونامي حيث ترتفع المياه إلى عشرات الأمتار؛ مما يؤدِّي إلى الطوفان ورفع السّفينة الّتي أصبحت تجري في موج كالجبال.

{فَاسْلُكْ فِيهَا}: أدخل فيها أو احمل فيها في الفلك، واستعمل كلمة اسلك الّتي تحمل معنى السّهولة؛ لأنّ الأمر لم يحدث بعد، تعاليم للمستقبل أو توصيات، وقد رأيناه استعمل {احْمِلْ فِيهَا} في سورة الأعراف الآية (٤٠) حين حدث الطّوفان.

{مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}: من: ابتدائية كلّ زوجين؛ الزوج: هو واحد يطلق على الذكر والأنثى، والاثنان زوجان؛ أي: الرجل زوج، والمرأة زوج، وكلاهما اثنان؛ أيْ: ذكر وأنثى من كلّ صنف سواء أكان إنسان أم حيوان أم نبات يمكن حمله والاستفادة منه، ولا تعني كلّ أصناف الحيوانات والنباتات، فقد كان طول السّفينة حوالي (١٥٠متر) وعرضها (٣٠متر)، وكلمة اثنين توكيد.

{وَأَهْلَكَ}: الزّوجة والأولاد (الثّلاثة نوح وسام وحام وزوجاتهم)، وأهلك يمكن أن تعني أهل الإيمان وليست أهلية نسب ودم، أيْ: أتباعك.

{إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ}: إلا أداة استثناء، سبق عليه القول: الهلاك والعذاب مثل ابنه كنعان وامرأة نوح.

{وَلَا تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ}: لا النّاهية، تخاطبني: تطلب مني إنجاء الّذين ظلموا أو تكلمني بشأن الظّالمين الّذين حق عليهم القول أو تشفع لهم أو تأخذك بهم رأفة إنّهم مغرقون.