عدم قبول نفقاتهم في الآية السّابقة: هو كونهم قوماً فاسقين، ولم يشرح معنى فاسقين في تلك الآية السّابقة، ثمّ جاء في هذه الآية ليحدد معنى الفسق الّذي أريد به، وتضمن ثلاثة أمور:
١ - الكفر بالله وبرسوله.
٢ - ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى.
٣ - ولا ينفقون إلا وهم كارهون.
{كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}: انتبه استعمال الباء بالله، وبرسوله، ولم يقل بالله ورسوله، بالله وبرسوله: فيها توكيد أكثر من بالله ورسوله؛ وتعني: كفر العقيدة.
والباء: تفيد الإلصاق، والاختصاص، وحين يستعمل بالله وبرسوله؛ يستعملها في سياق المنافقين الّذين يعتبرون أنفسهم مسلمون، ويحاربون الله ورسوله، وهم غير معروفين. وحين يستعمل بالله ورسوله يستعملها في سياق الكفار؛ فهؤلاء هم كفار من الأصل لا يؤمنون بالله، ولا بمحمّد، وهويتهم معروفة، ويعبدون الأوثان وهم أخف وطئاً من المنافقين؛ لأنّهم لا يخادعون، ولا يمكرون.
{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}: رياءً من دون إخلاص، فهم يصلون رياء؛ إلا: أداة حصر، هم: ضمير فصل للتوكيد، وكسالى: تعني: التّراخي في القيام إليها.
{وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}: فهم لا ينفقون طاعة، بل لمصالح ظاهرة، وستراً لنفاقهم، ويُعدون الإنفاق مغرماً، وخسارة؛ إلا: أداة حصر، كارهون: غير راغبون؛ أيْ: مكرهون عن غير طيب نفس.